لكن زوجي الصياد لم يغرق هذه الليلة كما حلمت، أنا التي لا يخيب منامي أبدًا، وعاد إلى البيت مرتجفًا، يهذي بعينين جامدتين، تحدقان عن آخرهما في الفراغ، كأنهما أبصرتا ما لا يسعه أي نظر .. لم أساله عن شيء، فأنا أعرف كل ما جرى له أكثر مما يعرف .. لكنني دثرته واحتضنت لهاثه وأسكنته فراشه رفقة صغيرنا النائم الذي لم يّكمل في الدنيا أعوامًا خمسة .. جلست بجوار زوجي، أجفف هلعه بعطر منديلي، وأراقب جفونه تُغلق على مهل، وتمتماته المظلمة تتبخر في تثاقل، ورعشات جسمه المتخشّب تتحوّل إلى انتفاضات متباعدة.
كنت أتأمل وجه زوجي عبر غلالة حلم الليلة الأخيرة من العام الماضي، الذي جاء به صوت المطر إلى منامي قبل ثلاثة أيام، وأوحى لي بأن زوجي سوف يلقى غرقه المحتوم في رحلته القادمة إلى النهر .. حلمي الذي لم أخبر به أحدًا، حتى زوجي، ولم أحاول بأي طريقة التصدي لنبوءته، ليس لأنني فقط أؤمن بأن ما كان منذورًا في اللوح المحفوظ فلا سبيل لإبطاله، أو لأنني أثق ـ كما يميزني الناس ـ في صلابة جذري الروحي، الذي يحصنني من الانكسار أو الاختلال أمام تقلبات القدر وأهواله فحسب، ولكن لأنني لم أكن أعيش في الدنيا حقًا بقدر ما أعيش في حلم واحد رأيته ليلة ولادة طفلي قبل خمس سنوات .. حلم واحد فقط من بين كل ما مر على منامي، اختطفني من نفسي ومن زوجي، ومن ابني الذي جئت به إلى الحياة للتو، ومن أحوال العالم وعجائبه كلها .. الحلم الوحيد الذي ظل يتكرر عبوره لسباتي دون ميعاد، ولم أستطع تفسيره أو كشف نبوءته، أو تحرير روحي من غموضه.
مقطع من رواية قيد الكتابة
photo by sharon covert
