من كتاب “الشر عاريًا ـ دراسة مقارنة بين يانيس ريتسوس ورينيه ماغريت” ـ يصدر قريبًا
الأحد، 29 مايو 2022
لحظات الانسجام الموحشة
الجمعة، 27 مايو 2022
الأربعاء، 25 مايو 2022
الاثنين، 23 مايو 2022
الأحد، 22 مايو 2022
الأربعاء، 18 مايو 2022
ضرورة المطر
اللوحة لـ Sohee Kim
السبت، 14 مايو 2022
سيرة الاختباء (37)
الشخصية الأدبية كما تحللها دراستي هي ناتج مباشر وموطِد لسلطة المدينة المركزية أي أن هذه الشخصية تحمل البصمة الواقعية والأثر الرمزي والهيمنة الخيالية للمركز.. الشخصية الأدبية هي ما يكوّن حضور الكاتب مستقلًا عن كتابته ومشاركًا في الوقت نفسه وعلى نحو حاسم في تأثير هذه الكتابة.. تُشكَّل الشخصية الأدبية بواسطة تاريخ من المداومة والإلحاح على ركائز معينة تدعم صورتها وتضمن تطورها في وعي الآخرين.. الركائز التي يمكن وصفها بالادعاءات الشكلية للاعتراف والتفوق.
ما هي هذه الركائز؟.. على سبيل المثال وليس الحصر: الارتياد المستمر للمقاهي الثقافية القاهرية الشهيرة.. مرافقة صحفيين وكتّاب ونقاد ومترجمين معروفين في الوسط الأدبي على طاولات تلك المقاهي.. نشر الصور التي تضمك بين هذه الجماعات من النخبة الثقافية على صفحات التواصل الاجتماعي.
بجانب الاستفادات البديهية الناجمة عن قضاء زمن طويل في تثبيت هذه الملامح المركزية – غير الكتابية – للشخصية الأدبية فإن تأثيرها يمتد لدى القراء بشكل عام وبالأخص لدى أولئك الذين كرسوا جهودهم لاكتساب مكانة “أرقى” وأكثر ربحًا مما يُطلق عليه القارئ العادي استغلالا للوسائط الحديثة مثل “القراء المحترفين” و”القراء النموذجيين” وغيرهم؛ فالقارئ عمومًا ومستثمر القراءة على وجه خاص لديه ذلك الميل النفسي والانتهازي للحصول على ما يُنظر لها كقيمة ثقافية أو منزلة نفعية مستمدة من الشخصية الأدبية (التي تعيش في صور المقاهي القاهرية مثلًا) ومن ثمّ تحظى إصدارات هؤلاء الذين يمتلك كل منهم (الشخصية الأدبية) بالمراجعات والمقالات الغزيرة طمعًا من كتّابها لاكتساب تقدير الذات والشهرة فضلًا عن المكسب المادي بالطبع، وكل هذا يستند بشكل أساسي على منزلة الشخصية الأدبية التي يدوّن القراء عن كتبها عبر الفضاءات المتعددة.
بسبب ذلك – وإضافة للفوائد المركزية الأخرى – تتحقق الوفرة المتراكمة لصفحات الإنترنت والأرشيفات الصحفية والكتب النقدية والأبحاث الأكاديمية التي تتضمن مقاربات لأعمال الكاتب صاحب هذه الشخصية الأدبية؛ إذ أن مقالات ومراجعات القراء الغزيرة ستنتج ما يمثل رأيًا عامًا قويًا يوحي بأهمية العمل وبالتالي يدعي بأنه يمتلك (جماليًا) ما لا تمتلكه أعمال أدبية أخرى لم تحظ ولو بنسبة قليلة من التدوينات التي تناولت هذا العمل الأمر الذي سيجعله محط أنظار ما يتجاوز التقدير القرائي الجمعي نحو البحث النقدي والأكاديمي.. هكذا يتحوّل كتاب الشخصية الأدبية من عمل إلى أيقونة سهلة الاستدعاء عند تناول تاريخ الرواية أو القصة القصيرة المصرية لأن كاتبه كان مجتهدًا في نشر صور جلساته المنتظمة داخل مقاهي القاهرة برفقة الشخصيات الأدبية الأخرى.
موقع "الكتابة" ـ 14 مايو 2022
الثلاثاء، 10 مايو 2022
صوت المطواة في حجرة الصالون
كانت لعبة شيقة .. لعبة التحكم في الموت والزمن .. هل ستموتون حالًا أم لا؟ .. كيف تتخيلون موتكم الممكن بعد لحظة واحدة؟ .. كيف يفكر كل منكم في حياته الآن؟ .. كيف يفكر في ذلك الشبح المتوحد بالظلام المغلق لحجرة الصالون ويستمتع بتمرير النصل الصوتي فوق رقبته؟ .. هل سأقتل نفسي؟ .. هل سيكون ذلك رحمة بكم أم بنفسي أم خلاصًا للجميع؟ .. هل تتذكرون عني شيئًا خارج الفضاء المُعذِب لصوت المطواة؟ .. حسنًا .. سأمنحكم ونفسي مزيدًا من الوقت .. لكن الوقت لا يعني مزيدًا من الحياة .. سأسمح للزمن بمواصلة المرور بعدما احتجزته قليلًا في صوت مسنون .. استمروا في التظاهر إلى حين بأنكم لستم عالقين في تهديد ما .. استمروا في الادعاء بأنكم تعرفونني جيدًا .. سأتظاهر أنا الآخر بأنني أجّلت المذبحة .. بأنني لم أقدم جسدي قربانًا لروحي.
لم يكن صوت مطواة .. كان خليطًا من الوجوه والكلمات التي رأيتها وسمعتها في الخارج قبل أن تعود إلى البيت .. الفراغ المتجذر داخل تلك الوجوه والكلمات بالتواطؤ مع ذكرياتك معنا كان يوطد غياب هيمنتك الكونية الغامضة .. في حركة الفتح والقفل المتتابعة للمطواة كنت تتقمص سيادة شكلية على هذا الغياب .. ندية ظاهرية مع ضياع هيمنتك على العالم بواسطة قلوبنا المرتجفة .. السيادة التي تلهو بالحدة الصوتية للنصل في أدمغتنا باعتبارنا أسبابًا أصلية لحرمانك من السيادة الفعلية .. هل أمحو الكون الليلة أم أعطيه فرصة أخرى لتدارك الخطأ الذي يسبق تاريخه؟
جزء من رواية “نصفي حجر” ـ قيد الكتابة.
الثلاثاء، 3 مايو 2022
غائب بقدر ما يحدّق إلى السماء
يكرس الستار لذلك التلصص على الألوهة الغائبة .. لاحتجابها عنك .. الانفصال بين جسدك والمطلق .. ألوهتك الغائبة تسترق النظر إلى المطلق الممثل في توحد السماء والبحر .. كأنها تحلم باختراق الستار (الحاجب) لتسترد نفسها .. ومثلما جعل يانيس ريتسوس “اللحظات” في مواجهة “الأبد”؛ وضع رينيه ماغريت النظرة العابرة، المؤقتة (التي فاتها كل شيء) للوجه الغائب في مواجهة المطلق .. النظرة التي ـ بالرغم من ذلك ـ لم تعد مألوفة حيث أزاحت خضوعها واستسلامها أو ما يشكّل غفلتها لصالح إفاقة غير اعتيادية على جوهر الشر .. إفاقة ثأرية بما يعني انتزاع ألوهة مضادة .. مطلق هازئ .. بما يعني امتلاك وجه لا يمكن للسماء أن تحدّق إليه.