الأربعاء، 18 مايو 2022

ضرورة المطر

ماذا لو أعدنا كتابة قصة (قطة في المطر) لإرنست همنجواي بطريقة أخرى؟ .. لنتخيل مثلا أن مدير الفندق العجوز هو كاتب قصة قصيرة في الأربعين، يجلس في الخامسة عصرًا عند عتبة مقهى (فينوس) بالمنصورة يوم الجمعة 30  يونيو 2017 .. لنتخيل أن القطة لم تكن تنكمش مرتجفة تحت إحدى الموائد، وإنما كانت تتحرك أمام المقهى ثم اقتربت من كاتب القصة ونظرت إليه فابتسم ثم ربت على فخذيه فاستجابت له وقفزت إلى حِجره، واستكانت هناك كأنه مخدعها الدائم .. لنتخيل أن الزوج لم يكن مستلقيًا في فراش حجرة الفندق ويقرأ، وإنما كان صديق كاتب القصة الذي يجلس معه عند عتبة المقهى، وأنه قرر جدارة هذا المشهد بالتصوير فأخرج هاتفه المحمول والتقط الصورة ثم نشرها في صفحته على فيسبوك .. لنتخيل أن الزوجة لم تكن تحدّق من شباك حجرة الفندق باحثة في الظلام والمطر عن القطة الصغيرة، وإنما كانت في مكان بعيد جدًا عن هذه اللحظة أمام شاشة اللابتوب، وأنها شاهدت صورة القطة النائمة في طمأنينة ناعسة فوق فخذي كاتب القصة صديق زوجها فأرسلت إليه طلب صداقة .. لنتخيل أن الزوجة بعثت إلى كاتب القصة بعد قبوله لصداقتها رسالة أخبرته فيها أنها أحبت نظرته المبتسمة إلى القطة وهي نائمة في حِجره، وأنها تعرف طفلة صغيرة لم يكن مرور الزمن بالنسبة لها أكثر من فقدان تدريجي لهذا الشعور الذي كان في ملامح القطة عند التقاط الصورة .. لنتخيل أن كاتب القصة أخبر الزوجة بالحقيقة: أن القطة هي التي كانت جالسة فوق كرسي المقهى، وأنه هو الذي كان نائمًا فوق فخذيها، وأنه يعرف طفلًا صغيرًا اعتاد أن يُخفي بتلك النظرة المبتسمة مثل هذا النوع من الخِدع التي تظهر دائمًا في الصور .. لنتخيل ـ رغم أننا في صيف يونيو ـ أن المطر يهطل بغزارة طوال الوقت .. المطر هو الشيء الوحيد الذي لا ينبغي أن يتغير أبدًا في قصة همنجواي.

اللوحة لـ Sohee Kim