الأحد، 29 مايو 2022

لحظات الانسجام الموحشة

الغطاء لا يُخفي الوجه وإنما يُخفي غيابه .. لكل “غياب وجه” غطاء مستقل حيث أن ما يعنيه الغياب لا يشبه ما يعنيه غياب آخر .. الغطاء يخفي أقنعة متغيرة ومتبدلة ومتلاشية تساير حتمية الوجه .. الوجه الذي يمعن في الغياب على الأخص في اللحظات التي تطالبه بإثبات تصديقه لوجوده كالصور الرومانسية والعائلية مثلًا أو “لحظات الانسجام الموحشة” عند استرجاع يانيس ريتسوس .. الغطاء يُخفي غياب وجه المحدق إلى نفسه .. يُخفي غياب وجه “الآخر” الذي يتبادل التحديق “التلصص” معه .. يُخفي غياب الوجوه التي تبحث عن ملامحها في أقنعة الآخرين .. الغطاء يكشف عن العماء الذي يسبق المرايا كافة حيث لا وجه بدون ألوهة .. الوجه مفقود باختباء الألوهة في الغيب .. الغطاء إذن عقاب للألوهة على اختبائها .. انتقام من تغييبها “الإعجازي” للوجوه .. كل محاولة للاعتراف بالملامح تنطوي على غضب من انفصال الوجه عن سمائه .. كل محاولة لتوثيق الامتلاك الزائف للوجه هي قيامة ساخرة من السماء نفسها. 

من كتاب “الشر عاريًا ـ دراسة مقارنة بين يانيس ريتسوس ورينيه ماغريت” ـ يصدر قريبًا