الثلاثاء، 3 مايو 2022

غائب بقدر ما يحدّق إلى السماء

الوجه لا يظهر كإثبات للغياب، كتوثيق لهيمنته .. لكنه يحدق إلى السماء؛ إذن هو غائب بقدر ما يحدّق إلى السماء .. بقدر ما يتلصص على ألوهته الغائبة .. البحر تأكيد على لعنتك البشرية بوصفه امتدادًا للسماء .. اللانهائية الغامضة للمطلق الذي يمتلك الحياة .. المحصن من الاحتياج الذي لا يمكنك الخلاص منه .. هو تحديق غاضب بالضرورة نحو أصل الألم .. نحو مصدر الشروط الحتمية التي فرضت الألم .. تحديق غاضب لأن هذا الأصل لا يجرّب ما هو ناجم عنه .. لأن هذا المصدر غير محكوم بما قرره .. الوجه لا يظهر لأنه عالق في ألوهته الغائبة .. لأنك مجردًا من “وجهك الإلهي” من قبل أن توجد .. تحديق “اللاوجه” نحو السماء هو توطيد لحضورك الفادح داخل العالم.

يكرس الستار لذلك التلصص على الألوهة الغائبة ..  لاحتجابها عنك .. الانفصال بين جسدك والمطلق .. ألوهتك الغائبة تسترق النظر إلى المطلق الممثل في توحد السماء والبحر .. كأنها تحلم باختراق الستار (الحاجب) لتسترد نفسها .. ومثلما جعل يانيس ريتسوس “اللحظات” في مواجهة “الأبد”؛ وضع رينيه ماغريت النظرة العابرة، المؤقتة (التي فاتها كل شيء) للوجه الغائب في مواجهة المطلق .. النظرة التي ـ بالرغم من ذلك ـ لم تعد مألوفة حيث أزاحت خضوعها واستسلامها أو ما يشكّل غفلتها لصالح إفاقة غير اعتيادية على جوهر الشر .. إفاقة ثأرية بما يعني انتزاع ألوهة مضادة .. مطلق هازئ ..  بما يعني امتلاك وجه لا يمكن للسماء أن تحدّق إليه.