الثلاثاء، 8 نوفمبر 2016

الأدب ومنصات التواصل الاجتماعي

هناك علاقة من التأثير المتبادل بين الأدب ومنصات التواصل الاجتماعي سواء على المستوى البنائي أو الوظيفي؛ فالأشكال التفاعلية لم تتوقف عند أن تكون مجرد وسائط محايدة لتداول خبرة الكتابة بقدر ما أصبحت فلسفة للتفكير في الواقع، أو أساسًا تأمليًا من ضمن الأسس التي تُشكّل هذه الخبرة، وهو ما جعلها تقترح بالضرورة استجاباتها القرائية الخاصة .. ترتبط هذه العلاقة كذلك بالتاريخ؛ إذ تقدم طوال الوقت دافعًا لاكتشاف ما يبدو أنها خصائص جوهرية لهذه الكتابة (الافتراضية) في الماضي، مثل لانهائية التبادل، والانتشار، والتحوّل، والتشتت، والتناسخ، وإرجاء المدلول، والتأجيل المستمر للمعنى، فضلا عن التكثيف، والتشظي، والمجانية، والكولاج، والمتاهة، والنسبية، والتقويض التهكمي للسلطة خصوصًا سلطتي (الأدب)، و(التواصل الاجتماعي) .. قدمت هذه المنصات تعويضًا حقيقيًا ـ بالنسبة لي ـ عن الأضرار الحتمية الناجمة عن عدم انتمائي للمركز، ولكنها في نفس الوقت أعطت ـ بديهيًا ـ نفس المساحة التفاعلية لمن يسيطرون على هذا المركز، وهو ما ساهم في دعم، وترسيخ (السلطة الإعلامية) التي يمتلكونها، بكل ما تنتجه من غنائم متزايدة .. لكن ربما الاستفادة الأساسية ـ وفقًا لتجربتي الخاصة ـ تكمن في أن هذه العوالم الافتراضية قد منحتني خامات عظيمة من الصراعات الجديرة باللعب .. وسائل، وفضاءات للحيل والمكائد الجمالية التي تنزع الحدود بين (الواقعي) و(الافتراضي) .. أعطتني أيضًا سعادة أن تأتيني الغنائم بإرادتها، دون امتلاك سلطة.
شهادتي ضمن ملف (المبدعون الليبيون وحكاياتهم مع منصات التواصل الاجتماعي) للكاتب (رامز النويصري) في موقع (إيوان ليبيا)
24 أكتوبر 2016