الأربعاء، 21 أغسطس 2019

من أنتِ حقًا يا ميادة؟

دون مقدمات تبدأ ميادة بينما نخرج من شارع المختلط ثم نعبر الطريق إلى كورنيش النيل في حكي تجربة زواجها السابق من الروائي الذي تعرّفت عليه في إحدى ندوات اتحاد الكتاب ثم تزوجها بعد فترة خطوبة لم تستغرق وقتًا طويلًا .. تخبرني بأنه أرادها بشكل مفاجئ أن تترك عملها في الصحافة لأن الوسط الثقافي لا يحكمه سوى نسخ من عباس العبد .. أشخر ضاحكًا فتقول وهي تشير للأمام: أنظر كيف كنا...
أحرّك عينيّ إلى حيث اتجهت يدها .. كانت هناك أريكة فوق رصيف الكورنيش مواجهة للنيل تجلس عليها ميادة وطليقها .. نقف أمامهما مستندين إلى السور الحديدي دون أن يلتفتا إلينا .. يخاطب الروائي زوجته الصحفية: هل تعرفين بماذا أحلم؟
ـ بماذا؟
ـ باليوم الذي يصبح فيه كوكب الأرض نظيفًا من الروايات المبتذلة .. التي لا تحمل شغفًا، ولا متعة .. الروايات الممتلئة بألفاظ بذيئة، ليس لها غاية أو مبرر .. الروايات المترهلة، التي لا تتماشى مع نسق مجتمعنا أو عقلية المتلقي العربي .. الروايات المحبِطة، المكتوبة بأشكال مستهجنة، وغير مستحبّة، وتحكمها تعبيرات لا تمتلك ضرورة فنية، ولا تقدم أي استفادة.
ـ لكن الروايات التي تراها مبتذلة، من الجائز أن تكون ثمينة عند قارئ آخر، والتي تخلو من الشغف أو المتعة بالنسبة لك، ربما تتضمن ذلك لدى قارئ آخر، كما أن الروايات التي تعتبرها مترهلة، من الجائز أن تكون محكمة بطريقتها الخاصة عند قارئ آخر .. فضلًا عن أن هناك قرّاءًا ربما يرون أنه ليس حتميًا أن تتماشى الرواية مع نسق مجتمعنا أو عقلية المتلقي العربي حتى تكون رواية جميلة .. كذلك الروايات المكتوبة بأشكال مستهجنة وغير مستحبة بالنسبة لك، من الجائز أن تكون جذّابة لشخص غيرك، والتعبيرات التي تراها بلا ضرورة فنية، ولا تقدم أي استفادة ربما لها أهميتها ولزومها عند شخص غيرك أيضًا.  
ـ حبيبتي .. كل هؤلاء القراء الذين تتحدثين عنهم لا يعرفون ولا يفهمون ماذا تعني القراءة أو الكتابة .. طالما أرى الأمر هكذا فهو الصواب الذي لا شك فيه، وعدا ذلك ليس أكثر من هراء وتخريف.
ـ معك حق.
التفت مذهولًا إلى ميادة التي تقف بجانبي مبتسمة وهي تتأمل حوار النسخة القديمة منها مع زوجها السابق .. أسألها بسخرية مستنكرة: معه حق؟ .. هذا بدلًا من نحت الشخرة المنطقية في وجهه؟!.
تلتفت لي بنفس الابتسامة التي يبدو أنها تسترجع حلمًا لم تطمئن بعد لتفسيره القديم، وتقول بنبرة أقرب إلى الهمس، كأنها لا تريد للرجل والمرأة الجالسين فوق الأريكة ويواصلان حديثهما أن يسمعا كلماتها:
ـ نعم .. كنت أتعمّد أن أقول له ذلك.
تبدأ في التحرّك ببطء فأخطو معها بعيدًا عن الأريكة لنترك الزوجين يمهّدان لانفصالهما الوشيك .. أسألها:
ـ أخبريني بصراحة .. لماذا تزوجتيه؟
ـ لأنني طيبة جدًا .. دون مزاح أو مراوغة، كنت أشفق عليه بحق .. الهشاشة العميقة التي كان يحاول تخبئتها بتسلّطه الأعمى، والضعف البالغ وراء أحكامه المطلقة كان يهيّجني فعلًا .. يمكنك القول بأن الأصل الشرموط المدفون داخل الديكتاتور بوسعه استفزاز الشفقة الأمومية عند امرأة مثلي.
ـ كان يُمتعك كـ "هاملت" الذي يخلع جلد الطاغية قطعة قطعة مثل راقص ستربتيز مقهور حتى يعود إلى رحمك سرًا.
ـ بالفعل، لكنني منذ البداية كنت أعلم بما يعادل القرار الاستباقي أن هذه اللعبة مثلما لها متعتها فإن لها تاريخ صلاحية ستنتهي عنده أيضًا، وحينما يحدث هذا فإنني لن أرغم نفسي على لحظة أزيد في تحمّل شيء لا أقدر، بل لا أريد أن أتحمّله.
نصل إلى أسفل الكوبري .. يمر قطار فوق رأسينا فأتذكر أنني استعملت هذه اللحظة كمجاز في قصة لي منذ عشرين سنة .. تتوقف ميادة فجأة وتسألني كأنما تطالبني بتسديد دين تذكرته حالًا:
ـ احك لي عن امرأة لم تكتب عنها من قبل؟
أجيبها دون تردد:
ـ أستاذة في العلوم السياسية، كانت ميلف حماسية، تعرّفت عليها في ندوة بقصر الثقافة، وأهديتها نسخة من مجموعتي "قبل القيامة بقليل" .. ليلتها طلبت رقم تليفوني، ثم اتصلت بي في اليوم التالي .. أسمعتني قصائد مدح في المجموعة، وأنا ـ كالعادة ـ لا أستطيع الرد كما يجب، وبعد انتهاء المكالمة الطويلة وجدتها ترسل لي على الهاتف آخر الليل المزيد من عبارات الإعجاب بالمجموعة، مقترنة بأكثر الاقتباسات التي أحبّتها من القصص .. رددت عليها بكلمات شكر تقليدية كأنما أحاول التخلّص من ورطة، وحينما استمرّت في بعث الرسائل قررت الاكتفاء بقراءتها لأنني لم أكن قادرًا على مواصلة الرد عليها أكثر من ذلك.
ـ ثم ...
أحكي لميادة بقية القصة .. أحكيها كشخص يتمنى أن يكون هذا الحكي طريقة لجعل القصة تخص شخصًا آخر .. هي بالفعل لا تخصني، ولكن بشكل أسوأ .. راقبت نفسي بما أظنه خلاصة الخيبة المؤسفة للعالم، وأنا أتصل بأستاذة العلوم السياسية كي أدعوها بتلعثمي الشهير إلى حفل توقيع "قبل القيامة بقليل" .. راقبت نفسي وأنا أجلس مشاركًا في التصنّع: هذه مكتبة .. أنا كاتب .. هؤلاء قرّاء .. هذا كتاب .. هذه إهداءات .. هذه صور فردية .. هذه صور جماعية .. راقبت نفسي وأنا أشاهد الدكتورة تشتري نسخة من المجموعة أمامي كي أوقّعها لها، رغم أن النسخة التي سبق أن أهديتها إليها مازالت بحوذتها .. كانت ترى في ذلك تكريمًا لي، وتعبيرًا لطيفًا عن تقديرها لكتاباتي .. راقبت نفسي وأنا منتبه إلى حرصها على الجلوس بجواري طوال الوقت، وإلى نظراتها المختلسة لي بينما أتحدث وأضحك وابتسم للقطات الفوتوغرافية المتتابعة .. راقبت نفسي بعد نهاية الحفل، وأنا أغادر المكتبة بعينين تائهتين، وابتسامة بلهاء، وملامح تتظاهر بعدم وجود بركان متحسّر داخلي يرجوها أن تطلب التحدث معي بعيدًا عن الآخرين، ثم تدعوني حين يصبح الكلام سرًا بيننا إلى احتفال خاص في بيتها.
تضحك ميادة وتسألني بتهكم كأنني أهديتها طريقة للثأر مني:
ـ ومتى قمت بحظرها على فيسبوك؟
أنظر لها بتلك الابتسامة التي تفهم منها أنني أوجّه إليها سبابًا سافلًا، يُعبّر عن تقديري لدهائها ومعرفتها المتينة بي .. أجيبها باستسلام:
ـ بعد فترة بسيطة .. لم يكن لدي استعداد لانتظار أمر، أنا متأكد تمامًا من استحالة حدوثه، كما لم يكن لدي صبر على مواصلة البقاء داخل تلك المنطقة المائعة بيننا، خصوصًا أنها كانت تحيط نفسها بمجموعة غلمان من النشطاء السياسيين والحقوقيين وفناني الثورة، وكما تعرفين فإن هذه الإفرازات المهبلية للحياة العامة تسسبب احتقانًا في خصيتي.
ـ لكنك بالتأكيد ضاجعتها كثيرًا؟
ليس كثيرًا يا ميادة .. أحيانًا ونحن نقف متجاورين في المظاهرات كنت أجعلها وسط الهتافات الصادحة تميل إلى أذني وتهمس بأنها تشعر بحريق متصاعد بين فخذيها، أو أن جحافلًا من النمل المكهرب تسري في شرجها، أو أن ثدييها يكادا يمزقان سوتيانها؛ فننسحب خارج الدعابة الجماهيرية التي أتقن جيدًا تمثيل أني واحد منها ثم نتوجه إلى بيتها لنغيب بعض الوقت، وحينما نعود للانضمام إلى الزومبي كي نواصل الهتاف والتصفيق والغناء ستفوح من جسدينا نفس الرائحة، وستلتقطها أنوف القطيع المحيطة بنا، الأمر الذي سيسبب لتركيز أبنائه في النضال من أجل عالم أفضل ارتباكًا مؤقتًا، سيحاولون تضليله بإنكار عفوي ينقذ كرامتهم.
ـ لكن هذا ليس مجرّد تخيل جنسي، وإنما انتقام أيضًا من "العلوم السياسية"، و"الثورة"، و"الزومبي الشعبي".
ـ يمكنك القول إنها الحياة الروتينية للممثل بعدما يُنهي تقمّص الدور الذي اختار أن يجرّبه في الدعابة.
ـ أو أن الممثل كان يُشفي غليله، لأنه لم يستطع أن يتحوّل بصورة كاملة إلى زومبي، بمعنى أن يحصل على كل شيء في حياة هؤلاء البشر الذين حاول أن يتقمّص دور واحد منهم.
حينما تقولين كلامًا كهذا فإن رغبة محمومة تتملكني، ولا أحققها أبدًا في سؤالك: من أنتِ حقًا يا ميادة؟، وكيف تستطيعين تفسيري بهذه الحساسية والدقة؟ .. ما الذي أمرره بالفعل داخلك يا ميادة؟ .. قضيبي، أم حياتي التي لا أعرفها؟.
موقع "الكتابة" ـ 20 أغسطس 2019
من المتوالية القصصية "البصق في البئر" ـ قيد الكتابة.
اللوحة لـ "مارك شاجال".

الاثنين، 19 أغسطس 2019

مكان جيد لسلحفاة محنطة .. بثقافة المنيا

قدم فرع ثقافة المنيا بمكتبة اسحاق الثقافية مناقشة تحليلية لكتاب بعنوان "مكان جيد لسلحفاة محنطة" للمؤلف" ممدوح رزق" وذلك اليوم الأحد ١٨اغسطس ،استعرضت فيه د.رباب جمال أبرز ما في المجموعة القصصية، بعد حجمها الكبير ،وقالت أنها مجموعة مختلفة ومتميزة وتحتاج إلى قراءة غير تقليدية، لأنها تتناول عوالم القصص بشكل فريد، تخلط بين الواقعي والفانتازي، والأحلام والحقائق،وأردفت أنه لايمكن الإلمام بها ولا بعوالمها في سطور كهذه، وإنما ينبغي أن تُقرأ وبعناية،
وتابعت إن "ممدوح رزق" ختم المجموعة بقصص قصيرة جدًا مميزة أيضًا.

الخميس، 8 أغسطس 2019

ذروة العادة

فجأة عرفت كل شيء ...
كنت مستلقيًا فوق السرير، أحدّق إلى السقف، وأفكر في بعض الأمور الصغيرة المبهمة التي تركتها خارج البيت الذي لم أعد أغادره، قبل قطع علاقاتي بالجميع: لماذا انسحب المترجم تدريجيًا من صداقتنا؟ .. لماذا توقفت كاتبة القصة الشابة عن كتابة الرسائل لي على فيسبوك؟ .. لماذا ترك الناقد الأدبي عمله في دار النشر؟ .. لماذا كتب الروائي الشاب على تويتر تلميحات كثيرة عن الخيانة الزوجية؟ .. لماذا تحدث معي الروائي العجوز باقتضاب مرتبك في آخر مكالمة بيننا؟.
ربما كان يبدو أن عزلتي المغلقة ليست في حاجة لتفسير أشياء غامضة كتلك، خاصة بعد مرور وقت طويل على حدوثها، لكن الفضول القديم لإدراك الأسباب كان يستيقظ في نفسي بين حين وآخر.
على سبيل الانفصال المؤقت عن الطقوس اليومية المألوفة؛ قررت تكريس جهدي هذا المساء لمحاولة العثور على هذا التفسير .. كان الأمر ظاهريًا يماثل الشروع في لعبة جديدة طمعًا في مرح غير معهود، لكن جدية حاسمة كانت تملؤني حقًا بينما أعود لأوراق قديمة سبق لي تدوين ملاحظات، وإشارات هامشية بها على مدار أعوام متعاقبة .. تنقّلت أيضًا داخل وفرة من الملفات المختزنة على اللابتوب، والتي تحمل أفكارًا وهواجسًا قمت بتسجيلها منذ مدة كبيرة كملامح متناثرة تنتظر الوجوه التي ستراوغها .. ظللت أجمع المعلومات المفترض أهميتها من هذا الأرشيف، ثم بدأت أعمل على تشريحها كي أخلق احتمالات مختلفة لخفائها المستمر في التصدّع .. سرعان ما أخذت هذه الاحتمالات تفرز نفسها، وتتحوّل انتقاءاتها الذاتية إلى ضرورات تتقدّم في طريق ثابت نحو الاستقرار كاستنتاجات مؤكدة .. شعرت بما يشبه ضوءًا نقيًا، ساطعًا انبعث دون تمهيد داخل ذهني؛ فاعتدلت على الفور كمحقق متقاعد اكتشف حل لغز الجريمة بعد سنوات كثيرة من وقوعها: عرفت أن المترجم قد انسحب تدريجيًا من صداقتنا نتيجة اعتراف حبيبته له بأنها تحبني، وما زاد الصدمة إذلالًا أن المترجم كان يعمل سرًا على ترجمة مختارات قصصية لي إلى الإنجليزية كهدية أراد أن يفاجئني بها تقديرًا لمكانتي عنده، وبالطبع تحوّلت بعد هذا الاعتراف إلى كابوس يجدر محوه تلقائيًا .. توقفت كاتبة القصة الشابة عن كتابة الرسائل لي على فيسبوك لأن اليأس استحوذ على نفسها كليًا من أن أقدم على خطوة رومانسية أكسر بها حاجز العلاقة التقليدية بين صديقين، وذلك بعد اعترافها للمترجم أنها تحبني بينما كان يحدّثها ببراءة مطلقة عن المفاجأة المترجمة التي يجهّزها لي .. ترك الناقد الأدبي عمله في دار النشر كإرضاء مستتر ومتأخّر للضمير، بعد إصراره على منحي المستحق للجائزة التي كان عضوًا في لجنة تحكيمها في مواجهة بقية أعضاء اللجنة الذين كان عليهم توزيعها في ذلك العام على إصدارات دار النشر التي كان يعمل بها الناقد، واستقال منها احتجاجًا على عدم فوز مجموعتي القصصية، في مقابل إعطاء الجائزة لمجموعة كاتبة القصة الشابة التي اعترفت للمترجم أنها تحبني ثم توقفت عن كتابة الرسائل لي على فيسبوك .. كتب الروائي الشاب تلميحات كثيرة على تويتر عن الخيانة الزوجية لأنه استمع خلسة إلى زوجته المحررة الثقافية وهي تتحدث تليفونيًا إلى صديقها الناقد الأدبي الذي ترك عمله في دار النشر، وكان يشرح لها الدافع وراء الاستقالة؛ فكان ردها على الناقد بأنه في مجموعتي هذه قصة قصيرة من النوع الذي لا تمانع بعد قراءتها من أن تخون زوجها مع كاتبها .. تحدث معي الروائي العجوز باقتضاب مرتبك على الهاتف بسبب شعوره بالذنب؛ حيث طلب منه أحد الطلاب الجامعيين من قرّائه ترشيح رواية ذات سمات معينة تلائم موضوع البحث المكلّف بإعداده، وكان على وشك ترشيح روايتي بالفعل لكنه في اللحظة الأخيرة غدر بقناعته، وقام بترشيح رواية لصديقه المقرّب، الروائي الشاب الذي كتب تلميحات كثيرة عن الخيانة الزوجية كمجاملة له، وهي الرواية التي سبق أن ترجمها إلى الإنجليزية ذلك المترجم الذي اعترفت له حبيبته كاتبة القصة بأنها تحبني فانسحب تدريجيًا من صداقتنا.
ليس هذا فقط كل ما عرفته؛ فالضوء الساطع استمر في التدفق كنهر جارف، لا يحتاج لتذكر منبعه، أو ما وراء انسيابه في تلك اللحظات على هذا النحو المشوّق .. كان تفسير تلك الأمور الصغيرة المبهمة بمثابة الإرشاد السحري لفك شفرات الذاكرة بأكملها .. كأنه دليل الحكمة الشاملة أو المنطق الأساسي الذي أدركت بواسطته العلاقات الخفية التي كانت تربط بين عائلتي وأصدقائي وجميع من عرفتهم طوال الماضي .. ما يمكن أن أطلق عليه التاريخ السري لحياتي الذي ظل مطموسًا في وعيي كل الوقت .. فهم صلب، عفوي، راح يطغى بلا تمهّل ليتجاوز الكشف عن ذلك الواقع الأصلي المحدود إلى امتلاك الخلاصة العارية لتاريخ العالم نفسه .. استوعبت تمامًا حقيقة الخيوط المتشابكة التي كنت معميًا عنها، وتمتد بيني والبشر كافة منذ بداية الوجود، ولن تنقطع حتى نهايته .. استطعت تحديد الصلة المختبئة ـ مثلًا ـ بين سقوطي في عمر العامين من فوق كرسي الاستوديو قبل لحظات من التقاط صورة لي مما نتج عنه تورّم رأسي، وشعور عجوز إيطالي بالحنين لأيامه الأولى مع زوجته، ولميلاد طفلتهما في نهاية القرن التاسع عشر .. بين صاحب المكتبة الذي أخبرني في سعيه لصداقتي بأن عينيّ تعريان الآخرين كعيني سلفادور دالي، وأغنية "رصيف نمرة خمسة" لعمرو دياب .. بين مرض أبي بالزهايمر قبل موته، والعقيدة الغنوصية .. كل شيء أصبح واضحًا.
لكنني وجدت نفسي أتساءل حول كيفية الاستفادة من هذه المعرفة داخل الظلام المتحجّر بين هذه الجدران وحولها منذ زمن بعيد .. ما الذي يمكن أن أفعله حقًا بكل ما اكتشفته، والذي من المؤكد أنه أقصى ما يمكنني الحصول عليه من حركة يدي اليمنى الأزلية أمام المرآة؟ .. كان حتميًا أن تختفي ابتسامتي، وأعود للاستلقاء، والتحديق إلى السقف، والتفكير في التوصّل إلى طريقة مثالية لاستغلال هذه الذخيرة الخارقة لصالح الأمر الوحيد الذي تبقّى لي .. أن أحاول جعل انتظاري للموت مختلفًا بصورة ما داخل البيت الذي لم أعد أغادره، ولا أعلم هل سأنجح في هذا أم سيكون موتي هو الآخر مجرد منديل ورقي مكرمش على أثر جاف لامتنان عابر في سلة القمامة .. من أخدع!، ربما أتمنى لموتي أن يكون هكذا بالفعل.
أنطولوجيا السرد العربي ـ 6 أغسطس 2019
الصورة من فيلم Süt

الثلاثاء، 6 أغسطس 2019

الجوائز الأدبيّة العربيّة.. ماذا قدّمتْ للمؤلف والكِتاب؟

الجوائز العربية الأكثر منحًا للامتيازات الأدبية والمادية هي تواطؤ فكاهي متغيّر بين ركائز عدة، لا أظن أن هناك أحدًا في الأوساط الثقافية يمكن أن يجهلها: التكريس المتعمّد للكتابة المتطهرة من الشرور الجمالية الهدّامة .. المجهودات التفاوضية لوكلاء دور النشر، أو سماسرة الجوائز من الكتّاب والعاملين في الصحافة الأدبية، دائمي التنقّل بين لجان التحكيم وكواليسها .. التوافقات الملزِمة بين محرري المطبوعات الثقافية المعينين كشماشرجية إعلام للجائزة ومحكّمين لها .. التوازنات الجغرافية والسياسية والجندرية وكذلك التعويضية عن خسارات سابقة .. أحكام المحبة والصداقة، والمتع المتبادلة ـ بمختلف أشكالها ـ بين الإخوة في الثقافة .. لكن هذا بالنسبة لي لا علاقة له بكل الثرثرة السخيفة المتعلقة بالتقييم والاستحقاق والعدالة، بل ـ وهذا أمر أعرف أن البعض يجد صعوبة بالغة في فهمه ـ أرى أن كل كتابة ـ مهما كانت ـ تستحق الحصول على جائزة، وأن كل العوامل ـ غير الأدبية ـ التي تهيمن وتتحكم في النتائج تحدد فقط عملًا سيفوز وأعمالًا أخرى ستستبعد من بين كتابات ينبغي جميعها أن تنال الجائزة.
أستعير هذه السطور من كتابي "نقد استجابة القارئ العربي ـ مقدمة في جينالوجيا التأويل" والخاصة بهيكلة تقرير تحكيم العمل لإحدى الجوائز العربية:
" إننا لو افترضنا ـ مثلا ـ وجود عمل روائي يعتمد على التشظي، أو تفكيك البنية الذي يتجاوز (تجريبيتها)، أو التمرد المتعمّد على سلطة اللغة، أو خلخلة النظام السردي، أو انتهاك الحالة  التناغمية للمضمون، أو تفتيت ما يُسمى بالعقدة، أو تخريب الانسجام بين المكان والزمان والحدث، أو إفساد التلائم بين الحوار والسرد، أو الخرق الهازئ للمبادئ الشائعة حول فن الرواية، أو العبث بالقوانين والتقاليد الأخلاقية السائدة، أو تقويض المفاهيم النمطية عن (القيمة)، أو السخرية من فكرة (الخلاص)، أو التهكم على (تعزيز الانتماء)؛ لو افترضنا أن هذا العمل الروائي تم تمريره إلى ماكينة التقييم التي تم استعراض أدواتها سابقًا فإنها لن تنظر إلى (انحيازه لطبيعته الخاصة)، أو (تناسبه وتوظيفه ومواءمته لوجوده)، أو (موقفه وبصمته الذاتية المتنافرة مع المنطق الاعتيادي)، أو (قيمته المضادة للثوابت الإنسانية المتداولة) ذلك لأن هذا العمل يتنافى بكيفية تامة وجوهرية مع (الإيمان) الذي تم تجميله ببعض الإغراءات التطهيرية، ليس فيما يتعلق بالرواية والوعي بتاريخها، وإنما بالثقافة ويقينيات الحياة عند واضعي هذه (الهيكلة)، الذين ينتمون إلى ذلك الجزء من العالم .. يطرح عمل روائي كهذا نفسه كاعتداء، كتهجّم متعارض من المبدأ مع حقيقة مطلقة لن يكون هناك مجال للتفاوض معها وفق أي احتمالات حاول أبناء هذه الحقيقة أنفسهم تضمينها من أجل ادعاء شكلي لمرونتها وانفتاحها: (تجريبي ـ غير مألوف ـ غير تقليدي ... إلخ)".
في عام 2014 قام ناشر إحدى رواياتي بترشيحها للبوكر العربية .. اعتبرت الأمر مزحة، حتى لو لم يكن الأمر كذلك، ربما لأن هذا كان أفضل من وصف الناشر بالسذاجة، ومع ذلك كان لدي امتنان لما اعتبرته تقديرًا منه للرواية التي اختارها من ضمن روايات كثيرة أصدرها في ذلك العام .. بالطبع كانت روايتي المرشحة بالنسبة لوعي "البوكريين" أشبه بالكابوس أو الفضيحة التي يجب الاختباء منها .. الجوائز التي حصلت عليها ليس من بينها تلك النوعية التي تتصدّر المشهد الثقافي العام قهرًا، وإنما التي سبق لي التعبير عنها في حوار سابق بهذه الكلمات:
"أحصل على جائزة ما.. أشعر بسعادة بديهية ثم أنسى أنني حصلت على جائزة.. أتذكرها أحيانًا ثم أنساها مجددًا.. هي نوع من التقدير ربما يتساوى مع أي تقدير آخر لو استثنينا الامتياز المادي، وبالنظر إلى الطبيعة الانتقائية لأعضاء لجان تحكيم الجوائز الشهيرة، واختياراتها للأعمال الفائزة، وبيانات نتائجها فإن هذا يمكن أن يضيف نوعًا من الاعتزاز إلى السعادة المؤقتة التي أشعر بها مع كل جائزة أحصل عليها".
شهادتي ضمن ملف "الجوائز الأدبية العربية .. ماذا قدمت للمؤلف والكِتاب؟" للشاعر "عماد الدين موسى" على موقع "ضفة ثالثة".
6 أغسطس 2019

السبت، 3 أغسطس 2019

لا شيء يحدث هنا: الخواء العليم

لو تخيلنا أن راويًا شعبيًا قد ترك ربابته ومجلسه في المقهى القديم، وقرر أن يكتب سيرة متجرّدة من اليقين الشفاهي أو الحكمة المنغّمة، بعكس ما اعتاد أن يمرر إلى آذان السامعين؛ ما هو الشيء الذي ربما سيحرص على الاحتفاظ به خلال هذا التحوّل؟ .. لن يتخلى الراوي عن الإيقاع .. لماذا؟ .. لأن الإيقاع هو الحيلة اللغوية التي سيُكسب بها ما يسرده شكل المعرفة، وذلك حتى يثبّت إدراكًا هزليًا بعمق الحكي الذي يقاوم تكوينها .. لهذا لن يتخذ الإيقاع نفس الطبيعة الغنائية المهيمنة في الرواية الشعبية بل سيستعير ظاهرها .. إيحاءاتها .. ظلالها المتأرجحة .. في روايته "لا شيء يحدث هنا" الصادرة عن دار العين بتقديم مميز للكاتب أيمن باتع فهمي؛ فعل وائل ياسين شيئًا مماثلًا لهذا .. قام بتحويل الإيقاع ـ الذي ربما يذكرنا أحيانًا بفن المقامات ـ من برهان للثقة في الراوي إلى دليل ثابت للشك فيما يحكيه .. هناك سارد، لكنه لا يحكي بقدر ما يحاول أن يتذكر .. بقدر ما يحاول أن يعثر على ما يتذكره في صورة أخرى .. بقدر ما يحاول ألا يتذكر .. كأن ثمة مجهولًا يختبئ فيما يحكيه لا يتوقف عن مطاردته .. لهذا يظل السرد ـ كخالق تخييلي لما يُعتقد أنه الواقع ـ عالقًا بين الغموض السابق لحدوثه، والعماء الذي يحجب ما يحاصره.
"فكر ناصيف: ست! قال حامد "ست" وكأن نجمًا هوى .. لا .. لا هذا ليس بالكلام الماسخ أبدًا. راحت هند. لم يكن ناصيف يعرف ماذا يفعل بهند أو ماذا يريد منها، فقط هو رأى ما رآه حامد. رأى الست. أحس أنه اقترب لما رأى. فما قادته الرؤية إلا بعدًا. رأى وحلم وابتعد كلما اقترب. ضحك ناصيف كثيرًا من نفسه "والعيال أوديهم فين!!" وظن أن هذه الجملة ـ فقط هذه الجملة ـ قادرة على هند".
يقترن الإدراك الهزلي الثابت في الحكي، المقاوم للمعرفة، بإلحاح آخر لا يتعطّل وهو الإنهاك .. شعوران متوحدان كأن كلًا منهما سر الآخر .. ربما هذا ما يعطي انطباعًا دائمًا في الرواية بأن عظام عجوز تحاول ترميم نفسها .. تحاول أن تحقق تماسكها .. لكنها تعرف أن التماسك في حد ذاته فكرة باطلة .. كأن هذه العظام هي الشخصيات التي تتناثر في اتجاهات تبدو متناقضة ظاهريًا .. الآباء والأبناء .. التجار والشيوخ والسماسرة ونساء المتعة والجثث المارة في شارع السوق العمومي .. كأن هذه العظام هي حكاياتهم التي لا يمتلكوها، وإنما التي تمتلكهم .. تستعملهم .. يتوهمون أنها تمثل خزانة حياتهم وموتهم، ولكنها تجعلهم عندما يفكرون في ذواتهم، ويخاطبون أنفسهم والآخرين يبدون كأن أشباحًا تستدعي أشباحًا .. السرد هو ما يكشف هذه الخدعة القدرية حين يحاول تقمّصها .. ما يضيئ الوعي بالمأساة غير المفهومة .. لذا تُختزل الذاكرة إلى هاجس متسلّط بأن ما يتصوّر وجوده لم يحدث حقًا .. ربما لأن الأمور جرت بطريقتها وليس بمشيئة العابرين .. ربما لأن المشيئة نفسها إمكانية ملتبسة، غائبة في ادعاءات مضللة .. يساير الشبح الحكاية بأن يرويها كأنها حكايته .. لكنه في كل لحظة يتعمّد الخواء خلالها أن يرسم ما يتوهم أنها حافة منقذة له، يستوعب الراوي جيدًا أن عليه محوها.
"بينما يقف حامد على مشارف الأربعين، ببطن نصف مشدودة بما بقي له من الرياضة، وعين أكلها السهر بما بقي له من القراءة، وذات صغيرة بين التضخم والانسحاق بما بقي له من السياسة، وروح ينفثها في ثلاث علب سجائر يوميًا. يقف على مشارف الأربعين بكامل غضبه، وبشهية معطوبة أنهى غداءه".
الخواء في "لا شيء يحدث هنا" أشبه بعتمة مقبضة، لا ينفلت منها احتمال .. ذلك لأنه مزيج محصّن من ما كان، وما لم يكن .. من ما يُفترض وقوعه، وما كان يجب أن يُفصح عن نفسه .. من الظنون المتغيّرة التي تتراكم كحقائق للألم، والصمت المحكم الذي سبق به الموت كل خطوة داخل الصراعات والمكائد والتحولات الاستعبادية .. الخواء هو الراوي متنكرًا في صوت مألوف .. كأن الحكاية حلم جماعي يمر في رأسه .. حلم يكافح لتجميع أشلاء الخيال المتطايرة من أذهان الرواة عبر الزمن، والرأس الذي لا يمكن اصطياده .. يمتد الحلم من الأصل الغامض له، ويمر عبر الأجساد المتعاقبة، مشكّلًا نفسه على نحو مغاير كما يليق بالإرث الذي يترصّد كل شخصية، وبالجسور المحترقة التي ستحاول العبور منها نحو ظلام الآخر.
"قاربت العشرين دقيقة، حتى انتبه الشارع إلى نفر قليل يحدقون في الأرض بذهول وسيطرت لا حول ولا قوة  إلا بالله على ما عداها، وما كاد الشارع ينتظم حتى هاج من جديد، مع اتساع الحلقة حول جسد عبد الله من تجار الدكاكين وزبائنهم وخلق الله التي تعبر الشارع، الأقرب للجسد هو الأقرب للرجل في حياته، وكلما جاء قريب قدموه، الأقرب فالأقرب، حتى صار القريب بعيدًا والبعيد قريبًا، وأخذ الناس في حزن صادق، تأكد شيخ الجامع من خروج السر الإلهي بعد ما قربته الناس لجسده، ليس لأنه قريب من عبد الله ولكن لأنه قريب من الموت وعلى معرفة به، فجل خطبه عنه".
ينتج السرد سؤال المخاطب إليه، خاصة لو نظرنا إلى هذا السرد باعتباره ذاتًا مستقلة أو تجاهد للانفصال عن مصدرها، أي كحصيلة من التلصص تريد الانفلات خارج وجوه الماضي التي تم توثيق ملامحها المتبدلة .. يخاطب السرد هذه الوجوه نفسها قبل أن يخاطب أطيافهم في أدمغة الآخرين .. يتوجّه الحكي إليهم بوصفهم غرباءًا عما عاشوه .. بوصفهم موتى يحتاجون في قبور الحياة وما بعدها لمن يستثمر المرح القديم في توفير دعابات جديدة عن الفناء .. يصلح هذا كغاية مناقضة للخلاص .. كهدف أكثر منطقية من أي نجاة مخاتلة .. بذلك يمكن للتبادل أن يكون منطقيًا أيضًا بين الشخصيات وبعضها في خيال المرتحل داخل السيرة .. بين المصائر التي تجاورت وتقاطعت كإعادة تدوير أبدية لشبق خارق، لا يُرى، ولا تُفهم علّته.
"أمام الفاترينة الجانبية والباب الخلفي لمحله يسدان الأفق عن شِماله الشارع الجانبي المقفول يحفظ ناسه وقلما يجود بعابر، ومولد من الناس وسلامات تعلو وعلاقات تبدأ وأخرى تنتهي وعتاب وملاطفة وعربات وتكاتك و(حتت) تأخذ العقل قبل العين، يا خلق الله على الطراوة، بعد أقل من عشر خطوات بينه وبين شارع السوق العمومي، يراه كأنما يشاهد التلفاز، أحس بنفسه موجودًا وغير موجود في آن، استولى عليه شعور بالضآلة لم يكن غريبًا عنه، فتح على روحه بابًا يعرف أنه لن يُغلق بسهولة, آخر ما يحتاج إليه مع وقفة الحال وصعوبة الرزق والأمل الشحيح، تذكر البغل في محطة المترو الذي مال عليه مبتسمًا يسأله عن مكان دورة المياه فحدجه بنظرة جاحدة ومد إليه كفًا من حجر: ـ بطاقتك".
ما أراه جوهريًا في الرواية أن ما كل ما يبدو تعددًا على المستوى الشكلي هو تنويعات على إرادة مستقرة لاكتشاف الأصوات الغائبة .. لاستبطان الحكاية الكلية المفقودة .. التماهي مع الجزئيات المراوغة ـ أي ما كان يجدر به أن يكون معرفة ـ يعد السبيل القهري لهذا الاستبطان .. لكن إلى ماذا تنتمي تلك الأصوات الغائبة، أو الحكاية المفقودة؟ .. إلى الراوي المتمنّع، الذي يجسّد الخواء أمانه الخاص.
"فارتبك الشيخ، لم يشغله أمر المال من قبل، وفيم يشغله والأرض تعطي خيرها؟ لم يخطر له على بال وهو يحزم أمره في الانتقال إلى المدينة، فجل ما شغل رأسه وقتها سؤال عذبه كثيرًا: أيهجر قريته حقًا؟! هذه المدينة كبيرة، مفاسدها كثيرة، تحتاج وقتي كله، والأمانة ثقيلة وعليّ أن أتمها كاملة غير منقوصة بوقت السفر، محشورًا مع العامة بما ينال من هيبة الإمام، هكذا حسم الاختيار لنفسه".
تنجز الرواية غرضًا جماليًا لافتًا، وهو أنها تقترح بصورة غير مباشرة نسخًا أخرى لها عند إجراء ترتيب مختلف لنظامها السردي .. فقرات متباعدة لو انتزعت من سياقها وضمها نسق آخر لنشأ انسجام فيما بينها، كأنها تُكمل بعضها، وهو ما يندرج ضمن التأثيرات العديدة للإيقاع اللغوي الذي تحدثت عنه من قبل .. من هذه الفقرات مثلًا نقرأ:
"إنما تصل الحياة ما انقطع وتقطع ما اتصل وهكذا، في صيرورة وحركة دائبة، دون بدء أو نهاية، ونحن دائمًا في وسط شيء ما، بعد البدء وقبل النهاية".
"وطالما وُجد الحكاؤون فُتح الباب للخيال على مصراعيه، يكمل الناقص منها على هوى النفس، وكل نفس ترى الناقص في مخاوفها وأملها الذاتي، من لسان إلى لسان, غابت الحكاية الأم كطوبة ألقيتها فاستقرت في قاع بركة راكدة مخلفة عنها موجات لا تنتهي دوائرها".
كأن الحياة نفسها هي الطوبة التي في قاع البركة الراكدة، وكأننا موجات الخيال التي تدور فيما بعد سقوطها، وقبل استردادها من هذا القاع.  
من قرأ الرواية سيعرف القصد من هذا التشبيه، ومن لم يقرأها عليه أن يفعل حتى يفهم لماذا تبدو رواية "لا شيء يحدث هنا" كأنها ترديد مستمر لهذا الاستفهام: "ماذا حدث؟" بصيغ متباينة، وأن الرد الذي يأتي دائمًا من داخل الراوية نفسها، ومن خارجها مصحوبًا بالقهقهة هو: "بكرة تعرف".
جريدة "أخبار الأدب" ـ 4 أغسطس 2019