في مقالي
"الحياة كوباء عند عبد الهادي الجزار وسرن كيركجور" تناولت اللعب الجدلي
مع القدر، الإثم، الخلاص، أو ذلك الاندماج السحري في لوحات عبد الهادي الجزار الذي
يعادل ما كان لدى كيركيجور بين الأوهام المتنافرة للطمأنينة والخلود .. يمكن لنا
الآن أن نقارن رقصة سعاد حسني في "بانوا بانوا" بالرقصات المضمرة للنساء
في لوحات عبد الهادي الجزار كـ "الكورس الشعبي" مثلًا، لكن جسد سعاد
حسني في تلك الرقصة كان ينثر أيضًا غبار العقاب والتطهر عن ذاكرته .. يثبّت نوعًا
من اللامبالاة الشبقبة التي تنبئ بعدم انشغاله بالمحظور سواء كان تماديًا مقصودًا
في انتهاكه أو كفاحًا مُعطلًا للخضوع إليه .. كانت رقصة غير معنيّة بالشر المطلق
حيث جسد سعاد حسني لا يحدّق إلا في نفسه.
إن الأمر لا يتعلق
بمساءلة الإبهام المرتبط بالخطيئة بقدر استعمال الرقص للعودة إلى ما يسبق سلطة
الاعتراف .. ما يسبق مطالبة الجسد ـ كموضوع للذنب ـ بالتناغم مع شروط المقدس ..
ليس سعيًا نحو استرداد بدائية غيبية وإنما كتقويض لما يحتجز البراءة الشهوانية للجسد
في صياغاته الانتهازية .. لذا كان من المنطقي ألا تكون نهاية المسار الراقص لخطوات
سعاد حسني في تلك الأغنية هي اللحظات الأخيرة من فيلم "شفيقة ومتولي"،
وإنما جثتها الممددة فوق أرض الشارع أسفل شرفة عالية.
أراجيك ـ 27 إبريل 2021