لم يُسبب ذلك ضررًا لأحد؛ فخطواته اليومية السريعة لا يتخللها لحظات
توقف تسمح بتحوّل نداءاته إلى مصدر للإزعاج .. يعبر فحسب كأنما يدرك أن أصحاب تلك
الأسماء يتواجدون في كل مكان يمر به، وأن الاستجابة لندائه لا تتطلب أن ينتظر بين
حين وآخر، أو كأنما يدرك أن استجابتهم له لا تشترط وجودهم في المكان الذي يمر به
.. لكن لا أحد يستجيب له، حتى ولو بسوء الفهم، كأن الأسماء التي يناديها لم تُمنح
إلا لأصحابها بالرغم من عاديتها وتداولها .. لم يسبب مروره الدائم سوى التعوّد المتأرجح
بين السخرية أحيانًا، والشفقة أحيانًا أخرى.
شخص ما سمعه ذات يوم .. كانت المرة الأولى التي يسمعه فيها أو ربما وصل إليه صوته من قبل، ولكن شيئًا ما جعل هذه المرة تكون الأولى حقًا .. حينما وصل صوته إلى ذلك الشخص خرج إلى شرفته ونظر إليه .. أشياء بديهية منعته من أن ينزل إلى الشارع ويلحق به كي يحقق أكثر ما كان يتمناه في تلك اللحظة .. أن يقتل صاحب النداء .. لم تكن بينهما أي معرفة سابقة، ولم يكن حتى وجه أحدهما مألوفًا بصورة ما لدى الآخر، ولكن الواقف في الشرفة كان يعرف أصحاب تلك الأسماء التي ينادي عليها ذلك الرجل جيدًا.