الأربعاء، 16 أبريل 2025

وردة انتقامية

ماذا لو عاش في تلك المساحة الضئيلة التي تستند إلى وسادة السرير؟ .. ليس السرير كليًا وإنما مجرد سنتيمترات قليلة فقط تظللها حافة الوسادة وتختبئ أسفل الطرف العلوي للغطاء .. ماذا لو انكمش جسده بحيث أصبح صالحًا تمامًا للإقامة في تلك البقعة دون أن يمتد جزء منه خارجها؟ .. هل ستظل تصدعات بدنه وثقوب روحه لامعة في عينيه؟ .. هل ستواصل دماؤه السوداء المتحجرة التدفق من تلك المسام المشرعة التي لا يراها أو يشعر بها غيره؟ .. هل سيبدو العالم في الخارج لبصره كما هو؟ .. هل سيتحوّل ذلك السكن بالغ الصغر الذي كوّنه بنفسه هو الآخر إلى متاهة؟ .. إلى حفرة للتبدد؟ .. المؤكد أنه لن يكون وحده .. سيعيش معه من يبكي ساخرًا من قدر الحياة والموت، من ينظر لأعلى طوال الوقت متخيلًا ملكوته المفقود، كاره كل شيء، الضجِر من كل شيء، الذي يريد أن يتذكر وينسى كل شيء، الذي لا يصدّق أي شيء، المتلهف لما يتخطى كل شيء، الراقص بارتجافاته المستنجدة، الشارد والأعمى ومن لا يتكلم إلا مع نفسه، الذي يربي في قلبه وردة انتقامية لا تكبر ولا تموت .. كل هؤلاء سيكونون ـ أيضًا وكما كان دائمًا ـ نتاج استمنائه.

photo by Giuliano Lo Re