العجوز يراقب يد الشاب فوق مؤخرة المومس وفي عينيه نظرة تشبه (أنا ياما دعكتها قبلك يابن الوسخة) .. لم يُظهر الشاب انتباهه لتلك النظرة، كما نجح في قطع الطريق على الشخرة الخافتة التي تحررت بدايتها من داخله دون أن يلحظها العجوز .. المومس تفكر في أن هناك خمسة وعشرين جنيهًا مضمونة وعدها العجوز أن يعطيها لها قبل رجوعها البيت …
العجوز حاول إبعاد عينيه عن يد الشاب وإبداء عدم الاهتمام، لكنه لم يقدر فظل يتخيل إحساس تلك اليد بالاستدارة الغنية بإحكام وبالدفء الكريم لطراوتها، رغم أن يده تذوقت حنان نفس المؤخرة كثيراً من قبل ويعرف جيداً أنها متاحة له في أي وقت .. لم يكن يريد الشاب أن يخسره بل على العكس زاد تمسّكه بصداقة العجوز خاصة أن المتعة الآن لم تعد قاصرة على اكتشاف يده لمؤخرة المومس فحسب .. المومس تنظر في عيني الشاب أملاً في استنتاج صحيح للمبلغ الذي سيعطيه لها بعد أن تنتهي يده من عملها، لكنها قررت أنه أياً يكن الرقم سيكون في النهاية إضافة للخمسة وعشرين جنيه التي لم تتوقع زيادة عنها في هذا المشوار …
ابتسم العجوز بارتباك حينما اكتشف أنه لا يرغب في تحسس مؤخرة المومس بقدر رغبته في الحصول على يد الشاب .. اليد التي تمنى الآن لو استعارها منه ليمسك بها هذه المؤخرة ثم يعيدها إليه ..صارت المتعة هزلية أيضًا، وأصبح جسد الشاب مُعبّراً عن هذا التمازج السحري؛ فبينما كان عضوه منتصبًا، بدت ملامحه كأنما يسترجع في صمت كافة النكات التي عرفها طوال حياته .. المومس تسأل نفسها هل عليها إظهار إحساس واضح بالإثارة أم أن الشاب لا ينتظر تلك الهدية منها.
شعر العجوز باضطراب في دقات قلبه مصحوباً بدوار خفيف حينما أصبح فجأة غير قادر على تذكر أين هو، ولا ما الذي جاء به إلى هذه الحديقة، ولم يعد يعرف من ذلك المنهمك في أخذ مقاسات طيظ المرأة المبتسمة بجانبه .. فكر الشاب في أنه ليست هناك لحظة يمكن للواحد فيها أن يشعر بانتمائه للعالم تفوق تلك التي يعيشها الآن؛ حينما ترغب في وقت واحد أن تضاجع من تحت وتضحك من فوق .. المومس لا تدري ما الذي جعلها تسترجع الآن ما كتبه أحد أصدقائها على فيسبوك بأن الشراميط هم الدليل الأقوى على الفشل التاريخي للبرجوازية المصرية في تقديم تبرير اجتماعي مقنع للرأسمالية.
لم يعد تركيز بصر العجوز على يد الشاب، ولا مؤخرة المومس، وإنما أخذت عيناه تتنقلان بين وجهيهما بخوف كأنه تحت تأثير اختطاف غامض أخذه من القطار حيث كان عائدًا من الجامعة إلى قريته، ويحكي لصديقه عن البنت الريفية التي يحبها من بعيد لبعيد؛ فأخرج صديقه خطاباً وأعطاه له ليكتشف أنه جواب عاطفي من هذه البنت لصديقه تُعبّر فيه عن امتنانها ليديه التي اعتصرتا مؤخرتها داخل أحد الغيطان ليلاً.
كان الشاب يلتفت أحياناً إلى العجوز ليتأمل نظرته التائهة المكسورة بهياج حاقد ومكتوم فتزيد قوة رغبته في الضحك خاصة بينما يفكر في أن العجوز هو الذي عرّفه على المومس، وهو الذي أصر على جلوسه بينهما، بل وهو الذي قال له بصراحة عالية الصوت (إلزق فيها) .. تنظر المومس حولها ثم ترفع بصرها إلى السماء وتبتسم متذكرة الـ (أحاااا) الغليظة التي كتبتها تعليقًا على مقولة صديقها على فيسبوك معتبرة ـ بقدر كبير من السعادة ـ أن وجودها في الحديقة الآن خطوة في طريق التحرر التام للشرمطة المصرية التي بدأ نضالها منذ زمن لا تعرف بدايته، لكنه اقترب من الوصول لانتصاره الخاص …
حينما استرد العجوز وجوده داخل اللحظة وعلاقته بتفاصيلها انشغل دون صوت، وبمزيج من الندم والتوسل في إخبار الإله الذي يعبده بأن الموت الذي أصبح قريبًا منه أكثر من أي وقت مضى هو الذي جعل من حرصه على التعارف بين الشاب والمومس واجبًا وضرورة حتمية .. تخيّل الشاب طفلة صغيرة ـ قد تكون طفلته ـ تجلس في مكان كهذا بعد سنوات طويلة ملتصقة بشاب لا يزال طفلًا الآن .. لكن هذا التخيّل لم يمثّل تهديداً لمتعته لأنها كانت محصنة باستعادة تلقائية لحلمه القديم بأن يقدم يوماً ما عرض ستاند أب كوميدي، ويفتتحه بجملة (لماذا لا يضع “باولو كويلو” شمعة في فتحة شرجه، ويسير أمامنا حتى لا يجد أي منا حجة للهروب من “الاستنارة”) .. المومس لا تعرف هل تشعر بالإثارة حقًا أم لا، لكنها على أي حال تثق بأن الشرمطة ستنتهي ـ كعنف أخلاقي ـ مع اختفاء الحياة التي تتحول فيها الشرموطة ـ كما خُلقت جميع النساء أصلًا ـ إلى امرأة فحسب، وهذا سبب تفاؤلها بحكم الإسلاميين .
نهض ثلاثتهم، ومشوا باتجاه الخروج من الحديقة؛ العجوز يفكر في موعده القادم مع طبيب أمراض الذكورة .. الشاب يشعر بالاعتزاز لقدرته على السخرية من يقينه بأنه سيجد مكاناً ينام فيه مع المومس .. المومس تخبر نفسها بفرح بأن يوماً آخر قد مر دون أن يعرف أحد من زبائنها بأنها عذراء.
مروا على الغريب الوحيد الذي كان جالسًا بعيداً عنهم لمسافة مريحة .. لم ينتبهوا أنه ميت.