كان أبوها يسير مرتعشًا وحده خارج البيت في تلك اللحظة، وحينما تأمل الصورة
على هاتفه بابتسامة شهوانية ممتنة؛ جلس على جانب الطريق ثم بدأ يغيّر في تفاصيلها
حتى أصبحت النافذة مثلما تبدو بعد إطفاء حريق وحشي التهم زهورها ونباتاتها كليًا
.. في خطوته التالية وضع بين الغيوم الكثيفة تكوينًا يكاد يكون شفافًا لقبر، كما
لو أنه متجذّر في باطن السماء .. بدموع
غاضبة ومكتومة وبأنفاس مختنقة أعاد إرسال الشتاء إلى طفلته بعدما فرغ من تعديله.
إذا رجع إلى البيت؛ حتمًا ستسأله الطفلة عن معنى ما فعله بالصورة؛ لكنه لن
يقدر حينئذ سوى أن يقول لها بضحكة خافتة، مفتعلة ومرتبكة، كأنما يترك لها وداعًا
مشفّرًا: "مجرد لعب آخر"، قبل أن يخرج إلى الشرفة وينظر إلى المشهد
مجددًا.
اللوحة: رياض نعمة