وجدت زوجتي فأرًا ميتًا
داخل الشرفة .. كانت على وشك إغلاقها آخر المساء حين رأته مرتميًا في ركن منها
بجوار أحد أصص النباتات .. كنت أستعد للنوم عندما سمعتها ترفع صوتها لتخبرني
بالأمر .. سألتها إن كانت في حاجة لمساعدتي فأرسلت عبر الصالة والردهة استنكارًا
للسؤال .. كنت أتمنى يائسًا أن تقول "لا" .. غادرت السرير وتوجهت إليها
حيث كانت قد أضاءت مصباح الشرفة وظلت واقفة أمام جثة الفأر .. للحظات قليلة تفحصت
جسده الضئيل الهامد بعينيه الصغيرتين المفتوحتين ثم أدرت بصري نحوها وسألتها إن
كانت قد وضعت سُمًّا داخل الشرفة فردت بالنفي .. "ما الذي قتله إذن؟" ..
سألتها مجددًا وأنا أعاود معاينته .. كان جسده سليمًا، لا وجود فيه لجرح .. بدا كأنه
مستيقظ، ولكنه لا يتنفس .. قالت: لا أعرف .. ثم طلبت مني أن أدفع جثته بالمقشة نحو
الجاروف ثم ألقي بها في الشارع .. كنت أعرف أنها ستطلب مني ذلك وهو ما لم أكن أريد
فعله، ولكني بعدما رأيت الفأر ميتًا دون سبب واضح شعرت بالرغبة في القيام بالأمر
.. رغبة تتجاوز الرضوخ لزوجة يصيبها الغثيان من مجرد التفكير في أداء هذه المهمة
الحتمية .. كانت ضرورة خاصة بي .. أحضرت زوجتي المقشة والجاروف، وبعد محاولات عدة
لإزاحة جثة الفأر نحو السطح العريض المغلف بكيس بلاستيكي والمستقر على الأرض؛ نجحت
في سحبها .. تركت المقشة وأمسكت بالجاروف ثم رفعت الجثة نحو مزيد من الضوء .. نظرت
في عيني الفأر ثم ألقيت به في الشارع على الفور .. أغلقت زوجتي الشرفة وعدت إلى السرير
بنشوة خفية .. لم أكن أنوي مضاجعة زوجتي هذه الليلة لكنني فعلت ثم وضعت رأسي فوق
الوسادة وأغمصت عيني.الصورة: depression-self-portraits-photography-edward-honaker
أنطولوجيا السرد العربي ـ 6 نوفمبر 2021