ثمة علامات مميزة تتواجد في قصصي القصيرة: صوت ذكوري، بالغ القوة والعمق
والثقل، يبدو كأنما يتلو طوال الوقت كلمات غامضة لطلسم لانهائي عبر مكبر صوت كوني
يحلّق خارج الأرض مُكسبًا حروفه أصداءً مروّعة .. امرأة في منتصف العمر، متوسطة
الطول، وذات شعر طويل يموّج نعومته أسود قاتم، يرسم عينيها الأموميتين كحل حاد،
ويورّد بياض وجهها مكياج خفيف، وترتدي دائمًا ما يغطي كامل جسدها عدا التوهج
اللامع لثدييها الكبيرين في حين تتبدل مواضع جلوسها المتشوّق بين مختلف الأماكن
غير المتوقعة .. جثة مشوهة ترقص على نغمات وإيقاعات موسيقى لا يسمعها إلا هي،
تتساقط أشلاؤها دون توقف أثناء الرقص بينما تتلفت حولها بنظرة ثابتة، ليس فيها سوى
رجاء بأن ينجح أحد في تحديد ماهية تلك الموسيقى عبر أداءاتها الخرساء، ومن ثمّ
يكشف هو الآخر عن الجثة المشوّهة الكامنة وراء جلده حتى يشاركها الرقص.
ربما لن تعثر على تلك العلامات بوضوح تقليدي لكنها ستتسلل في خفاء تام
عبر هذا الصمت المنعزل الذي تقرأ القصة من خلاله فيتحوّل إلى ذاكرتك الأصلية بحيث
لن يكون في آخر عمرك صمتًا وداعيًا مقترنًا فحسب بالعلة التي تُنهي حياتك، وإنما
ستدرك في لحظتك الأخيرة أن ذلك الصمت وحده هو سبب موتك.
اللوحة: John Atkinson Grimshaw