لم أكن لأنزعج من أن يكون أي منهم كاتبًا باعتبار أن "الكتابة
موضوعي أنا" مثلما شعر الروائي الأمريكي "روبرت أنطوني سيغل" تجاه
أمه التي كانت تدرس في ورشته الإبداعية بأيوا، ولم يكن لينتابني إحساس بالألم أو
رغبة في العثور على منطق ترويضي مخبوء لو قام أحدهم بمحو "الأسرة" في
روايته كي يعيش حياة أخرى كما وصف "سيغل" مشاعره تجاه مخطوط أمه، بل على
العكس فإنني أفكر الآن في أن الجلسة الوحيدة التي قرأت خلالها محاولة قصصية لي
أمام أسرتي وأنا مازلت طالبًا في المرحلة الإعدادية كانت تستهدف من ضمن أغراضها
تحريضًا خفيًا على أن يكتب كل منهم قصة قصيرة مثلي .. أعتقد أيضًا أنني كنت سأختبر
سعادة استثنائية لا تصدق لو كنت قد مرّنت أمي على نفس النصيحة التي وجّهها
"روبرت أنطوني سيغل" لأمه، ومثلما أفعل مع طلاب ورشتي القصصية حول أولوية
التفكير في "الفعل" عن "الوصف" .. لكن ما لا أثق به مطلقًا أن
وجودنا معًا سيظل صامدًا لو كانت كتابة أمي عني أنا .. أن تفعل بي ما أفعله بها ..
كنت سأكون فرحًا من أجلها بالفعل، ولكنني لن أضمن في الوقت ذاته أن أحتفظ بقدرتي ـ
الهشة أساسًا ـ على النظر في عينيها.
كل ما أكتبه عن أسرتي الميتة هو محاولة لأن يكون بديلًا لما لم
يكتبوه، ولكنه لن يكون تعويضًا له بالتأكيد .. لا يستطيع أثر أن يحل مكان آخر ..
لا يمكن أن يقول أحدهم عن شخص ما بأنه لم يكن فقط أبًا أو أمًا أو أخًا أو أختًا
أو جدة، بل كان يتعيّن على ذلك الشخص أن يقول هذا بنفسه.
موقع "الكتابة" ـ 27 سبتمبر 2020