كان السؤال الذي يشغله كثيراً، ويعيد ترديده لي، ولنفسه طوال الوقت عن ما الذي كان يتحدث فيه الذين يمرون في الشوارع أمام المباني، والبيوت التي كانت تُعقد فيها لقاءات، واجتماعات المجموعات الماركسية في السبعينيات .. هل كان منهم من يقف قليلاً تحت أحد الشبابيك العالية، ليأخذ درساً أخلاقياً، ومحاضرة نضالية عن رداءة الزمن، وفساد البشر، وخيانة الرفاق .. لكنه كان يطلب مني العودة إلى العصور الوسطى، وتخيّل الرموز الدينية التي كان يمكن لفناني الكنائس استخدامها في رسم (نادية سليمان)، وأطفالها الـ 14 أثناء تصوير فيلمها الجنسي .. على فكرة هو لا تعجبه حلمتي (نادية).
رأي مجموعة محددة في عملك .. الرأي يتحول إلى تقييم، وترتيب فتخرج نتيجة مسابقة .. هل هناك في العالم ما يستطيع إجبارنا على الاقتناع بأن تلك المجموعة أهم، وأفضل، وأعظم من مجموعة أخرى! .. مجموعة محددة .. مجرد فئة من البشر، وشكراً .. لكن على جانب آخر يمكن للواحد منا أن تكون له حسابات خاصة، أو معايير، أو دلائل ـ هل لاحظت أنني أستخدم عادة ثلاثة مرادفات ـ يمكنه بواسطتها أن يُفضل جائزة على جائزة أخرى .. أن يحمل أغلب المحكّمين مثلاً جنسية أخرى غير جنسيتك .. لم يسبق أن تشرفوا بتبادل كلمة واحدة معك، ولا يعرفون عنك، أكثر من نصوصك، ولو رآك أحدهم في الشارع لما تعرّف عليك .. ليس هناك أي استفادة مالية لدور النشر من الموضوع .. لا يشير تاريخ المسابقة إلى ميل لمجاملة المشاركين، المشتغلين في الصحافة الأدبية، خاصة محرري المطبوعات الثقافية الشهيرة .. لم يسبق أن أثارت نتائجها من قبل تناحراً، وتقطيعاً، ونشراً للغسيل الوسخ مثلما حدث مؤخراً على صفحات (المدن) .. لهذا أنا أعتز بالجوائز التي حصلت عليها جداً .. هذه الكلمات البسيطة، المؤقتة من وحي لقاء بمقهى (أندريا) بالمنصورة مع ضيف قاهري، وكاتب معروف، أسعدنا بحكاياته عن كواليس إحدى المسابقات الأدبية الكبيرة ـ مادياً ـ وهي الحكايات التي تظاهرنا ـ إكراماً له ـ أننا نسمعها للمرة الأولى في حين أننا سبق، وحفظناها عن ظهر قلب من آخرين كثيرين.
يقول فجأة أن (كافكا) لخص طريقة عمله في جملة (كل كلمة تنظر أولاً حولها في كل اتجاه، قبل أن تدعني أكتبها)، وأن (كافكا) لو كان مكانه كان سيفعل ما فعله: سيجمع المعارك بين كتّاب وسط البلد القاهريين على صفحات الانترنت داخل فولدر، ويسميه (غرام الخولات).
هل لديه مشكلة مع أسماء شخصيات (ديستوفيسكي)؛ ذلك لأنه بدأ اليوم في قراءة (الشياطين)، وراح يناديني بـ (نيقولاي فسيفولودوفتش) مجرداً دون (دكتور).
من رواية “الفشل في النوم مع السيدة نون” ـ دار الحضارة 2014