منذ صدورها عام 1886 نُسبت إلى رواية (الحالة الغريبة للدكتور جيكل ومستر هايد) خلفيات
واقعية عديدة، وتحديداً الشخصية الحقيقية التي كانت مصدر إلهام الكاتب روبرت لويس ستيفنسون
لتحويلها إلى شخصية دكتور جيكل: ديكون برودي، العضو المحترم في مجلس مدينة إدنبرة،
السارق ليلاً، والذي تم القبض عليه وشنقه. يوجين شانتريل المعلم الفرنسي الذي أدين
وأعدم بتهمة قتل زوجته بالسم. جون هنتر الجرّاح الاسكتنلدي الذي يُشار إلى منزله
أحياناً كالبيت نفسه الذي كان لدكتور جيكل في الرواية.
لكن الدراسة التي قدم الناقد المصري ممدوح رزق عرضاً لها في محاضرة
مؤخراً عن دكتور جيكل ومستر هايد تطرح أصلاً واقعياً لا يعتمد على التقارب الجزئي
مثل الاحتمالات السابقة، وإنما على التماثل الشامل، أو ما يشبه المطابقة الكلية
بين الرواية وقضية مقتل الطبيب جورج باركمان على يد صديقه دكتور جون ويبستر أستاذ
الكيمياء بكلية الطب جامعة هارفارد في مدينة بوسطن الأمريكية عام 1849. خلفية حقيقية تتضمن كل شيء: الشخصيات وماضيها وعلاقاتها،
وأداءاتها الجسدية، وكذلك الأماكن والأحداث والتصاعد الدرامي والعناصر المادية
وطبيعة المجتمع.
تناقش الدراسة أيضاً في هذا الإطار كل ما تم توثيقه حول أحلام
ستيفنسون عن الرواية، وعلاقة زوجته الأمريكية بمسودتها، وجميع الملابسات التي
أحاطت بكتابتها عام 1885. وإذا كان هذا الاكتشاف من شأنه كما قال الناقد
ممدوح رزق أن يقدم إفادات عديدة عن الكيفية التي يستلهم بها الكاتب حدثًا واقعياً
لإنتاج عمل خيالي سواء بالنسبة لروبرت لويس ستيفنسون وذاكرته الإبداعية أو بشكل
عام، وأيضاً حول الطريقة التي تلقي بها الرؤية الفنية ضوءاً تفسيرياً على جريمة
تاريخية، أو استثمارها لتناول موضوع فلسفي أو مسألة وجودية؛ فإنه من المتوقع أن
تثير الدراسة عند صدورها نقاشاً كبيراً فضلاً عن الترجمات المتوقعة خاصة أن الأمر
يتعلق برواية من أكثر الكلاسيكيات العالمية شهرة.
محمد رمزي
مقال كلاود ـ 11 ديسمبر 2019