الثلاثاء، 30 مايو 2017

التلصص

يرن جرس الباب .. أنظر من العين السحرية فأجد شابًا وفتاة يقبلان بعضهما .. أتصوّر لوهلة أنني وصلت إلى مرحلة الهلاوس، لكن الفتاة التي تحمل أوراقًا وقلمًا تُبعد شفتيها عن فم الشاب ثم تومئ بقلق نحو الباب .. ترفع يدها وترن الجرس مجددًا .. ينتظر الشاب الذي يحمل (تابلت) للحظات ثم يمد يده ويقرص ثديها الأيسر من فوق البلوزة .. ترتسم صرخة صامتة على وجهها وهي تتراجع بفزع سنتيمترات قليلة، قبل أن ترفع إصبعها الصغير لتحذره بابتسامة لائمة .. أسمع الشاب يقول لها بسرور شبق: (الظاهر محدش هنا).
يعطيا ظهريهما للباب .. يمد يده ويمسك مؤخرتها فتُبعدها كف الفتاة بطريقة (كفاية مش وقته) .. ترفع يدها وتضغط جرس الشقة المقابلة .. يفتح جاري الباب لهما .. أسمع الفتاة تقول له:
(مساء الخير يا فندم .. إحنا مندوبين التعداد السكاني، وكنا عايزين ناخد شوية بيانات من حضرتك).
أوقن بأن الشاب ينتظر بفارغ الصبر الانتهاء من تدوين المعلومات التي يبلغهما جاري بها عن أسرته كي يتمكن أثناء انصرافهما من اختلاس قبلة أو لمسة أو قرصة أخرى من جسد الفتاة .. يغلق جاري باب شقته .. تتحرك الفتاة لتنزل السلالم نحو المساحة الصغيرة التي تفصل بينها والسلالم الأخرى المؤدية للدور التالي .. يتبعها الشاب الملاصق لظهرها بلهفة سعيدة .. يتوقفان هناك .. لكنني لم أعد أرى سوى جزء تافه من ظهر الفتاة في أقصى زاوية العين السحرية .. يتقدم هذا الجزء نحو مركز العين بشكل طفيف جدًا عندما يميل جسد الفتاة للخلف ثم يعود فورًا إلى وضعيته السابقة قبل اكتمال المشهد .. أستنتج أنهما يقبلان بعضهما الآن قبلة طويلة داخل هذا الركن المنزوي من السلالم، وأن يد الشاب ربما تحاول أن تسرق أقصى ما تستطيع من الأسرار الناعمة قبل انتهاء هذه اللحظات .. يختفي ظهر الفتاة بالكامل، ثم أسمع صوت أقدامهما وهي تنزل السلالم ليعود السكون تدريجيًا.
أتحرّك من وراء الباب .. أجلس فوق كرسي الصالة مرتجفًا .. أحاول وضع رأسي الدائخ بين كفيّ، لكن دقات قلبي القوية والمتلاحقة تمنعني من الثبات .. أنهض، ثم أدور بأنفاس مختنقة حول نفسي، غير قادر على الوصول إلى حل مضمون .. كانت زوجتي داخل حجرة النوم، ممددة فوق السرير، والدماء تواصل التدفق من قلبها حيث السكين التي تحمل بصماتي لا تزال مغمدة داخله.