السبت، 18 مارس 2017

احترام المعجزات

لا تخف
ليس معنى الوقوف في النافذة..أنك ستسقط
ليس معنى السعال..أنك مصاب بالسرطان
ليس معنى ضيق التنفس ..أن قلبك به شريان مسدود
الحياة فقط هي التي معناها .. أنك ستموت.

أحتاج أحيانًا وعلى فترات متباعدة إلى ذلك الفرح: أكتب في خانة بحث جوجل (لا تخف .. ليس معنى الوقوف في النافذة) فأستمتع مزهوًّا بالزيادة التي لا تتوقف على مدار سنوات طويلة للبشر الذين يعيدون نشر هذه السطور .. فيسبوك وتويتر وتمبلر وإنستجرام ومنتديات ومدونات ومواقع لا حصر لها .. منهم من جعلها توقيعًا له، ومنهم من أضاف إليها صورًا مختلفة، ومنهم من أدخلها في مسابقة (من القائل؟) متهمًا من سيبحث على الإنترنت عن اسم كاتبها بأنه (جاهل) .. هي أكثر كتابة أعيد نشرها لي، وهي من ضمن أكثر المقولات المأخوذة من نصوص أدبية انتشارًا على الإنترنت إن لم تكن أكثرها شهرة .. سأؤجل الآن محاولة تفسير ذلك لأنني أريد أن أتحدث فقط عن التمازج الثقيل بين الرعب والتعاسة الذي تعوّد ـ خصوصًا في الفترة الأخيرة ـ على قتل ذلك الفرح بعنف بارد وفوري.
كتابة عن الموت مختبئة في ضمير المخاطب لتدافع الأنا عن استمرار حياتها ربما أكثر من كونها كلامًا خائفًا يتحدث إلى نفسه أو إلى شخص آخر .. ما الفرق؟! .. ليس بوسع قائلها الهروب إذن من النبوءة المحتملة الكامنة في تلك السطور .. إشارة إلى موت فعلي قادم لا يبطلها مرور سنوات على كتابتها .. ربما تعيد وتجدد تثبيت وجودها، وتدعم الإيمان بصحتها مع كل إعادة نشر ومع كل محاولة شرح أو تناول لقارئ ما .. قارئ أعرف تمامًا أنه في أغلب الأحوال لن يعطله أي عائق عن القول بتلقائية متناهية (سبحان الله) حينما يصله خبر موت كاتب هذه المقولة، وهنا نترك الرعب ونأتي إلى التعاسة .. أن يعيش كائن ما حياة دفعته لكتابة هذه الكلمات، ويفشل بعد الموت ـ على الأقل ـ في منع أن تكون إحدى نتائج هذه الحياة (سبحان الله).
هل لاحظتم تعمّد ذلك الكائن استخدام ضمير الغائب في السطور السابقة؟!.
18 / 3 / 2013
الصورة لـ (Paul Giamatti) من فيلم (Sideways).