الأحد، 28 أغسطس 2022

الصورة

"أنا من نفس القرية وأعرف هذا الرجل جيدًا، ونحن نشهد له جميعًا بالتقوى وحُسن الخلق .. كل ما ذُكر عنه في هذا الخبر كذب وافتراء .. الرجل لم يدخن سيجارة واحدة في حياته فكيف يكون مدمنًا للمخدرات؟ .. أين ضمائركم وخشيتكم من المولى عز وجل وأنتم تزيفون الحقيقة وتنشرون هذا الباطل؟ .. الرجل قتل ابنته ذات الـ 14 عامًا لأنها تغيبت عن المنزل عشرة أيام دون أن تخبر أحدًا من أهلها أين كانت .. هذا هو السبب الحقيقي الذي لم تذكروه في خبركم الكاذب، وهو ما دفع أباها لخنقها بالإيشارب حتى الموت .. كفاكم تشويهًا في خلق الله".

لم يكن يعنيه وهو يكتب هذا التعليق وينشره أسفل الخبر أنه ليس من أهل القرية، حتى أنه لم يكن يعلم بوجودها قبل قراءته، وبالتالي لا يعرف شيئًا عن الرجل وابنته .. كل ما كان يعنيه أنه حدّق بالصورة طويلًا .. إلى وجه ذلك الرجل الذي يبدو بملامحه المنهكة في منتصف الأربعينيات، ويتجمد في عينيه مزيج غائم من الغضب والحيرة .. أنه قرأ التعليقات المتلاحقة، الثائرة، والمطالِبة بالقصاص العاجل .. كل ما كان يعنيه أن ينقذ هذه الصورة بأي طريقة .. أن يحميها من الكلمات التي تحاول تمزيقها .. حتى لو كلفه الأمر ابتسامة اعتيادية مرتعشة بعد أن يطفئ الشاشة ويتطلع بشكل خاطف إلى سطحها المصقول المعتم.

اللوحة لـ Edvard Munch