تبدو هذه الإدانة كأنها حيلة دفاعية لاواعية للتوازن .. تعويض التابو الذي
تم القبول بكسره .. مقاومة الانتهاك القيمي بطريقة غير مباشرة .. تبدو هذه الإدانة
كأنها عقاب ضروري للكاتب في مقابل التجاوب مع تمرده.
يحتاج القارئ أن يظهر كشخص منفتح، غير خاضع، أو حتى متسمًا بالجموح .. أن
يُبعد عن صورته لدى الآخرين صفات الرجعية والتزمت والمسالمة تجاه الثوابت الأخلاقية
.. يحتاج لأن يظهر أمام نفسه هكذا فعلًا أو أن يقنع ذاته بأنه قادر حقًا على
التفكير بشكل تقويضي .. لكن هذا القارئ الذي لم يقدر على أن يكون ذلك الشخص على
نحو تام فإنه يظل محكومًا باليقينيات التي تجبره على أن يجعل الكاتب يدفع ثمن
انتهاكه .. حينئذ لا يعني الاحتفاء بكسر التابو إلا نوعًا من الرفض المراوغ سيعلن
عن نفسه في موضع آخر (الشكل).
إن مراجعات الكتب التي تستعمل تعبيرات مثل "الحبكة الساذجة" ..
"الشخصيات سيئة الرسم" .. "ضعف البناء الروائي" في تلك
الأحوال تكون أقرب إلى مورفولوجيا تأديبية (محاكمة المكونات ووظائفها وعلاقاتها
ودلالاتها) أي تلك التي تعيد إنتاج بنية النص بما يضمن أن يكون في حالة دفاع عن نفسه
ولو على مستوى "تشكّله"، طالما ثمة سبب يدفع قارئه ـ ظاهريًا أو بدرجة
ما ـ للتعايش مع مضمونه الانتهاكي.