الجمعة، 10 سبتمبر 2021

الإقناع

كان يلقب بالشيخ؛ يؤم الناس في الصلاة، ويلقي دروسًا دينية في المساجد، كما كانت لديه صفحة على فيسبوك ينشر فيها أقوالًا إيمانية مأثورة .. جاءته في الحلم تلك الليلة طفلة صغيرة مريضة بالسرطان كان قد نشر صورتها على صفحته مع دعاء بالشفاء لها .. رآها كما كانت في صورتها تمامًا وسمعها تسأله بصوت واهن:

ـ لماذا أتعذب؟

لم يكن يرى نفسه ولكنه سمع صوته يرد عليها:

ـ هذا ابتلاء من الله ويجب أن نرضى بقدره.

ـ أنا لم أقترف ذنبًا.

ـ الله سيعوضك في الجنة.

ـ لكني لا أستحق ما أنا فيه الآن.

استيقظ من نومه غاضبًا .. لم يكن مفزوعًا ولا حزينًا ولا حائرًا .. كان يشعر بالسخط فحسب لأنه فشل في إقناع الطفلة.

في الليلة التالية وبعد يوم أطاله الشعور بالعجز؛ جاءته الطفلة في الحلم ثانية .. لكنها هذه المرة كانت عارية كليًا وتمتلك جسدًا لم يصدق جماله بينما يرى نفسه يعتليها عاريًا أيضًا فوق سرير مستشفى .. بعدما انتهى من مضاجعتها وقبل أن ينهض من فوقها؛ نظر إلى وجهها الشاحب متسائلًا بابتسامة واثقة .. أومأت الطفلة الصغيرة بالإيجاب مبتسمة هي الأخرى برأسها الأصلع.

استيقظ من نومه سعيدًا وبينما كان يغتسل شعر بأنه يزيل عن جسده آثار معركة عابرة خرج منها منتصرًا.

أنطولوجيا السرد العربي ـ 9 سبتمبر 2021