بعد خروجي من البيت أصادف أحيانًا شخصًا له نفس ملامحي، يرتدي ملابسي
ذاتها، ويمشي بالكيفية التي يطوّحني الموت بها في الشوارع .. كل مرة أستوقفه، كأنما
قابلت صديقًا قديمًا، لم أره منذ زمن طويل .. أمد يدي إليه، وحينما أصافحه أشعر
كأنني أطبقت كفيّ على بعضهما مثلما أفعل دائمًا حين أجلس وحدي وراء باب مغلق ..
يتمعّن في وجهي بنفس عينيّ المرتبكتين، ويخبرني باللجلجة التي تتناثر عادة بشكل
مضحك من ابتسامتي التائهة أنه لا يعرفني .. يعاود السير معتذرًا على النحو
التقليدي البائس لهروبي المتعثر من المواقف المحرجة مع الغرباء .. لا أمنعه، وإنما
أواصل المشي وراءه بحرص كي لا يشعر بخطواتي المتلهفة لمعرفة أين سيذهب .. لكنني
أتوقف عن تتبعه، والتفت راجعًا إلى البيت بخيبة الأمل المعهودة حينما أراه كل مرة
يستوقف شخصًا له نفس الملامح والملابس وطريقة المشي ثم يمد يده إليه كي يصافحه.
أنطولوجيا السرد العربي ـ 18 مارس 2019
photo by shokry mannaa