أقدم في هذا المقال الجزء الأخير من قائمة الانتقادات والمآخذ التي
اعتادت الدراسات النقدية والمراجعات وتدوينات القراءة على توجيهها للأعمال الأدبية
والنقدية العربية مع ضرورة الأخذ في الاعتبار أن كل "ممارسة لغوية
عدائية" مما تتضمنه هذه القائمة من الممكن أن ينجم عنها سياقات لا نهائية من
ظواهر "القهر الاستباقي" التي تستمد طاقتها البلاغية من الممارسة نفسها
.. من الضروري أيضًا الانتباه إلى أن هذه الانتقادات دائمة الاستهداف للنص الأدبي
لا تنفصل عن تلك المجابِهة للمتون النقدية حيث تتخذ هذه المآخذ أنساقًا لغوية
تستوعب هذا التمايز بين "الكتابة" و"النقد" دون أن تتخلى عن
شروطها المعرفية .. لذا فالعداء البلاغي ـ كسلطة للقهر الاستباقي ـ ليس كاتبًا
أصليًا فحسب، بل ناقدًا أصليًا أيضًا .. في الأسبوع القادم سأطرح تفكيكًا مختصرًا
لموسوعة الشر هذه يتضمن المقارنة بين محتوياتها، تحليل ما تنحاز إليه وما تحجبه،
ومقاربة الدوافع التي تُسيّرها:
ـ استخدام المجاز الرومانسي، واستعمال التشبيهات والاستعارات العاطفية
المركّبة خاصة تلك التي تعتمد على الربط بين المشاعر الشخصية، وعناصر الطبيعة وتحولاتها.
ـ الاعتماد على التيمات المستهلكة سواء فيما يخص العلاقات البشرية،
سرد الواقع، الرصد التاريخي، الأبنية الخيالية، تناول العالم الخاص وتبدلاته وحركة
التفاصيل المتناقضة داخل وخارج حدوده، تفسير الحياة والموت، أو مشاهد التنبؤ.
ـ عدم تأويل النص بشكل يضمن الحصول على معنى محدد أو قيمة ثابتة أو
مغزى واضح.
ـ تحويل جماليات العمل الأدبي إلى شذرات من عدم الثقة، احتمالات تفتقر
للاستقرار، وخيالات جدلية، محرومة من تأكيد الغاية.
ـ التغاضي عن تعيين الوجود خارج النص كمسار معرفي تتم القراءة من
خلاله: حياة الكاتب الشخصية ـ أعماله السابقة ـ الواقع السياسي والاجتماعي الذي أثّر
في كتاباته.
ـ استدعاء التناص الذي يساهم في تشتيت الدلالة، وضياع الغرض وسط المعاني
التي تفرضها النصوص المستعادة داخل العمل الأدبي، وهو السلوك النقدي الذي يرمز إلى
عدم الاعتراف بوجود حقيقة مطلقة، أو أصل للإدراك.
ـ تجاهل النقد لمحاربة الأفكار والسلوكيات والظواهر
"الغربية" في النص.
ـ المساهمة في امتهان الجسد بتطويع الأدوات النقدية للاحتفاء بالأعمال
المنحلة أخلاقيًا.
ـ عدم إرشاد النقد الأدبي للكاتب كي يتمكن من تحسين كتاباته على
المستوى الجمالي والإنساني.
موقع "الكتابة" ـ 4 نوفمبر 2018