(1)
في هذه المدينة
إذا أردت أن تتوجّه من بيتك إلى مكان آخر
دون أن تخاطر بفقد حياتك البائسة
عليك الانتظار
حتى تصبح الشوارع خالية تمامًا
لكن ينبغي أن تحذر وقتئذ
من الذكريات.
(2)
ربما سأموت هكذا:
بينما أسير في الشارع
يقترب مني أحد الأشخاص
ثم يخرج سكينًا فجأة
ويطعنني بقوة
من المؤكد أنه سيكون شخصًا لا يعرفني
ولكني أعرفه.
(3)
ما تبقى من بضاعته القديمة
التي لم يبعها للأطفال
لا يزال يتجوّل بها
يقابل الآباء والأمهات
الذين يعرفونه جيدًا
منذ سنوات طويلة
يبتسم لصغارهم
ويمضي سريعًا
قبل أن يفكر أحد في إيقافه.
(4)
ليس هناك تهديد أكثر خطورة للمبصرين
من النظارة السوداء التي يرتديها الأعمى...
ليس هناك تهديد أكثر خطورة للسائرين
من العصا التي يتوكأ عليها
من لا يستطيع المشي وحده...
ليس هناك تهديد أكثر خطورة لهذا الجدار الصلب
الذي لا يشبه جدارًا آخر
من النظرة المنكسرة
في عيني الجثة الممددة أمامه.
(5)
أصبحت منهكًا جدًا
لدرجة أنني لم أعد أرغب في شيء
سوى أن أمضي ما تبقى من حياتي
سواء كان كثيرًا أم قليلا
في النوم المتواصل
الذي لا ينقطع إلا للاحتياجات الضرورية:
الجنس
الأكل
الشرب
قضاء الحاجة
وضع حبات الأرز وملأ طبق الماء فوق سور الشرفة
ثم مراقبة العصافير وهي تأكل وتشرب لثوان قليلة
عبر فتحات الشيش المغلق
بالضبط كمن يتلصص
على قاتله.
(6)
قطة ميتة
وحدها فوق رصيف بارد في الليل
الآن فقط
أصبح هذا الشارع المهجور المظلم
يشبه الحجرة التي غادرتها منذ قليل
دون أن أعرف إلى أين.
(7)
كان يحمل ألمًا
أكثر ثقلا وغموضًا
من أن يسمح لهذه الابتسامة
الملتصقة دائمًا بصمته
أن تتبدد.
(8)
حلمت في طفولتي
أن أكون ـ بالمعنى الحرفي ـ
كاتبًا على كل شيء قدير
أي لا يكون في حاجة لخلق شيء
يمكنه أن يتألم
أو إلى حكمة غيبية
ينتظرها المعذبون
لتفسير الشقاء الغامض
ألا يترك سؤالا ـ مهما كان ـ دون إجابة
وهذا ما يجعله بالضرورة
لا يحتاج إلى خلق أي شيء أصلا
لأنه لن يكون موجودًا.
الصورة لـ Jeremy Piper
موقع (ثقافات) ـ 9 فبراير 2018