الأحد، 29 سبتمبر 2024

عن "مكان جيد لسلحفاة محنطة"

كلما كنت أقرأ مجموعة قصصية، أسأل نفسي سؤالًا: هل يستطيع الكاتب، بكلمات قليلة ومكثفة وهو يصف الأحداث، أن يكتب الشخصيات بعمق يتخطى الوعي ويغوص في عمق اللاوعي ومتناقضات النفس البشرية؟

في مجموعته القصصية "مكان جيد لسلحفاة غير محنطة"، أجاب الكاتب على سؤالي بأنه نعم، ولكن هذه موهبة صعبة، ولذلك هذه المجموعة استثنائية بلا جدال. لوحات كبيرة مقسمة إلى تفاصيل مرئية وصوتية متناثرة الأجزاء وفى النهاية تحصل على أجمل لوحة مكتملة الأركان الفنية ،
يضع البذور وتحصدها أنت في النهاية، كما أنها مباغتة بالشكل الذي يجعل جملة أو كلمة في نهاية القصة تجعلك تقرأ القصة من جديد ببعد مختلف.
كل ما تراه من أفعال وكلمات ونبرة صوت من الناس وراءه أكوان أخرى وأفلاك، هل قررت يومًا إدراك ذلك؟
عناوين القصص معبرة جدًا عن كل قصة، حتى إنه في بعض الأوقات لو لم تقرأ العنوان، لن تفهم القصة.
حتى في عالم الكتابة، لم أعد أرى العالم كما كنت أراه بعد هذه المجموعة المحكمة بلا شاردة واحدة.
في المجموعات القصصية لبعض الكتاب، كنت أشعر بالإحباط، لأن الكاتب في بعض القصص يعبر عن نفسه بصدق، وفي قصص أخرى يستميل الجمهور فقط ولكن الكاتب هنا عبر عن نفسه بنفسه بصنعة احترافية .
هذه المجموعة القصصية هي أمتع حكايات لحكاية الرجل الذي كتب القصة القصيرة "ممدوح رزق".
محمود عبد الغني