مرت الأيام التالية هادئة، نقية من الصوت المزعج، لكنني وبينما رحت أحاول استطعام تلك السكينة الجديدة شعرت بغرابتها .. كان الهدوء الذي أعقب تخلصي من ضوضاء الصاج غير صاف .. ينطوي على شيء غامض من عدم الارتياح .. وجدتني أحاول تدريجيًا تخيّل الصوت المزعج الذي اختفى .. أستعيد نبرات تطوّح قطعة الصاج الملفوفة في مكانها فوق سطح جاري .. وجدتني أيضًا أقف واء شباك حجرتي؛ أتأمل المساحة الخالية التي خلفتها قطعة الصاج التي أُبعدت عني .. ثم تحوّل الشعور بالغرابة إلى افتقاد .. انتابتني رغبة مبهمة ومتزايدة في عودة قطعة الصاج إلى السطح المجاور لي .. أن أسترد الصوت الذي طالما انتزعني من النوم وأطلق أكثر الشتائم بذاءة من فمي .. تساءلت في نفسي: لو لم تكن قطعة الصاج تلك متبقية من مظلة، ولو لم تكن تلك المظلة تعلو مقاعد قديمة مهملة؛ هل كان سيتملكني هذا الشعور؟
كنت مترددًا، ومع ذلك بلا إحساس بالدهشة من نفسي اتصلت بجاري كي أطلب منه أن يعيد قطعة الصاج إلى السطح .. لم يكن عجيبًا أيضًا أن أسمع ضحكة جاري الشاحبة وهو يخبرني بأنه كان في انتظار هذه المكالمة.