“مستر إم” للدعاية والإعلان .. أحاول تذكر “لوجو” تلك الشركة الصغيرة التي أنشأتها في حجرة الصالون، بعدما تم التخلص من جميع آثارها .. أعتقد أن الشعار كان عبارة عن رسم مطبوع لصورة ظلية، تمثّل رجلًا ناعم الشعر، حاد الملامح، متأنقًا بطريقة كلاسيكية، وبجسد رياضي نحيف .. كان شعارًا متناغمًا مع اسم الشركة، ودالًا على صورتك المفقودة .. لم يكن الرجل يشبهك، ولكنه أيضًا لم يكن متنافرًا بشكل كلي مع تكوينك الجسدي .. يمكن القول أنه كان أنت لو أصبحت حقًا “مستر إم” .. مستر إم الذي حاولت أن تكونه بواسطة الهندمة والرصانة والحدة .. بواسطة الامتلاك والهيمنة والقوة الماكرة .. لكن كل هذا كان هشًا وباهتًا ومهزومًا .. كل هذا كان مخصيًا .. مجاهدات فاشلة، وصور مصطنعة، واندفاعات خرقاء تصيب أهدافًا عكسية .. كل ما حاولته كان مسلطًا ضدك بالأساس .. لهذا كان “مستر إم” يتبدد احتماله البعيد في الواقع تحت أقدام النزق الطفولي التائه والعاجز، الذي لم يكن هناك سبيل أمامه إلا مواصلة العناد فحسب .. العناد القدري الذي لا يعني سوى تدميرًا لنفسك وللآخرين .. كأن هذا التدمير هو الكيفية الوحيدة لإنقاذ نفسك الضائعة .. لانتشال العالم المجهّز لألوهيتك من العدم .. مستر إم كان مهندمًا بشكل مثالي، وكانت رصانته نقية من الأضرار الجانبية، وكانت حدته متزنة، تصون كرامته على نحو تام، وتحميه من الخضوع للمهازل المهينة .. كان قادرًا على الامتلاك دون خسائر أكثر فداحة مما لو لم يمتلك .. كان مهيمنًا، لا يفقد السيطرة على ما في قبضته .. كان قويًا وماكرًا، ليس مرغمًا على استعراض ضعفه وغفلته كلما أراد إثبات مقدرته ودهائه .. لهذا كان “مستر إم” مستحيل الوجود في عالمك إلا كشعار تجاري.
جزء من رواية “نصفي حجر” ـ قيد الكتابة.