فكّر في الأمر
“فكّر بأن الحياة تسير في طريقها
لكنك غائب …
فكر بفصول الربيع، تأتي بنوافذ مشرعة
وأنت غائب …
أن تغيب ليس بالأمر الصعب
لكن، إن غبت عما أنت في حاجة إليه
سوف تبقى عالقًا إلى الأبد
بداخل تلك اللحظات التي فاتتك
وستبقى، جزءًا من العالم …
إلى الأبد!”.
ما الذي أنت بحاجة إليه؟ .. ليس ما هو محكوم بلعنتك البشرية ولكن بما تتطلبه ألوهتك الغائبة .. بما يخلصك من الاحتياج بشكل مطلق .. لهذا ستظل غائبًا بغياب ألوهتك، والحياة لا يمتلكها إلا نقيضك الكامل والمحصن .. الذي لم يجعلك “بحاجة لشيء” فحسب وإنما أجبرك على أن ترهن هذا “الشيء” بالشروط الحتمية لإنسانيتك .. بالآلام التي لم يجربها ولا يريد قطعًا أن يجربها .. لهذا لن تبقى نوافذ الربيع مشرعة إلا لمن يتسم بصفاتك المضادة .. الصفات التي يضمنها غيابك .. ستظل عالقًا في ألوهتك الغائبة لأن ما فاتك هو “كل شيء” .. الغياب الأبدي الذي يسبق وجودك “اللاإلهي” .. ما يعنيه حضورك القهري والمزيف في جحيم العالم.
لنفكر في أن يانيس ريتسوس قد جعل “اللحظات” في مواجهة “الأبد” .. كأن هذه “اللحظات التي فاتتك” بما أنه قد “فاتك كل شيء” – كما أقر غياب ألوهتك – كأنها لحظات يقظة استثنائية غاضبة .. انتباه انتقامي على الاحتياج كأصل بديهي .. كجوهر لا يمكن التحرر من شروره .. كأن هذه اللحظات هي ألوهتك الساخرة .. أبديتك التهكمية .. التي – في مقابل كونها سجنك الانفرادي – تصبح انفلاتك من العالم ولو تجسدت في مجرد نظرة استهزائية صامتة نحو السماء.