نتيجة
“هذه النافذة وحيدة.
هذه النجمة وحيدة.
كسيجارة منسية على المنضدة …
تدخن، تدخن في الزرقة، وحيدة.
وأنا وحيد، قال.
أشعل سيجارتي، أدخن.
أدخن وأفكر. لست وحيدًا”.
ما ذلك الشيء (الوحيد) الذي يقدر على ترك النجمة وحيدة (كسيجارة منسية على المنضدة)؟ .. النجمة في حالة هجران، مُنكَل بها، لذا فهي تحمل بالضرورة البصمة الغامضة لهاجرها، تنبئ بالوجود المبهم لما يُنكِل بها .. بالضرورة أيضًا فذلك الذي كان بوسعه أن يتركها وحيدة ليس وحيدًا بالشكل ذاته .. إنه الوحدة نفسها .. مطلق (الوحدة) .. الوحدة الكلية محصنة من شرها دونما انتهاك لشموليتها الملغزة.
أن تشعل سيجارة في هذه اللحظة فكأنك تنقذ النجمة من وحدتها .. تنقذ نفسك من النسيان .. تصبح الهاجر والمهجور .. المُنكِل والمُنكَل به .. النجمة كينونتك .. المنضدة سماء .. أنت المُخلِّص.
لكن أي خلاص؟ .. ليس النجاة حتمًا، بل التجسيد المتحدي لما لا يمتلك شجاعة تجسيد نفسه .. تمثيل للشر عاريًا من الأوهام .. تنكيل مضاد انطلاقًا من النتيجة نحو السبب.
من أجل هذا التجرد يستخدم يانيس ريتسوس لغة تدمج بين الوضوح والدقة .. بين إعادة التعيين واكتشاف البداهة .. إشارات مباشرة، محددة، كأنها استذكار مدرسي يدعمه التكرار لطفل يتعلم الأسماء والصفات، يتعرّف على الأشياء ويلامس الأنساق الأولية لحضورها .. كأنه تثبيت لتفاصيل العالم في بدائيتها بما يعادل خلقها ثانية من العدم .. النقاء اللغوي الذي يتظاهر بالبراءة والحياد حيث السيجارة المشتعلة دليل ريتسوس على أن مشهد (الوحدة) – كما تم تجهيزه مسبقًا – لن ينطلي على بصيرته.