السبت، 27 أكتوبر 2018

لأن عينيه مغلقتان طوال الوقت


في الطريق إلى البحر؛ رجل وامرأة يجلسان متقابلين داخل قطار .. بينهما طفلة تتطلع عبر النافذة إلى الحقول الخضراء .. المرأة تنظر إلى أرض القطار كأن بصرها يتأمل في الداخل مقبرة طيور محترقة .. الرجل يضع سماعتين في أذنيه وينصت إلى أغنيات "حميد الشاعري" القديمة .. لا ترى المرأة أو الطفلة ابتسامته المتحسّرة التي تستعيد الزمن حينما كانت تلك الأغنيات تطمئنه بأن هذه اللحظة لن تحدث، وفي الوقت نفسه كانت تتنبأ بها.
أمام البحر .. طلبت الطفلة أن ترى صيادًا وهو يصطاد السمك .. نظرت المرأة إلى الرجل ثم التفتا معًا إلى الصياد الذي يمسك بصنارته ويجلس بعيدًا عند الشاطئ .. ذهبوا في اتجاهه، وبالقرب منه جلسوا يراقبون الأسماك وهي تخرج من الماء عالقة في طرف الخيط الواحدة تلو الأخرى .. لم يتمكن أي من الرجل أو المرأة أن يجيب على الطفلة حينما سألتهما كيف يستطيع ذلك الجالس عند الشاطئ أن يصطاد الأسماك بهذه المهارة رغم أن عينيه مغلقتان طوال الوقت.
أنطولوجيا السرد العربي ـ 23 أكتوبر 2018