السبت، 2 يونيو 2018

تقتلني بنعومة


منذ عشرة شهور وثلاثة أيام وساعتين قابلت فتاة تمنيت أن تبدأ معي قصة حب .. أن نخلق دعابة جديدة يكون لها أثر خاص حينما تعيش وتنتهي بالغموض نفسه الذي للميلاد والحياة والموت .. وجدت في هذه البنت أشياءً كنت أعرف أنها ستمنحني السعادة، أي أنها ستعذبني أكثر مما تفعل أشياء أخرى .. لكنني اعتبرت نفسي بالعفوية المعتادة أبعد ما أكون عن الشخص الذي يمكن لهذه البنت أن تحلم بمشاركته اللعب داخل القبو القديم، ولأسباب تتجاوز عمرها الذي يصغرني بعشرين عامًا، أو أنني متزوج وأب لطفلة .. تحاشيًا لخسارة بقائها داخل مساحة القرب الوعرة التي تضمنا كان صمتي بديهيًا في انتظار معجزة تتم دون مجازفة لا أقدر مطلقًا على ارتكابها، حتى أنني تراجعت قبل كتابة هذه القصة عن استخدام ضمير المخاطب كي لا يمارس هذا الضمير سحرًا خفيًا ويمنحها يقينًا قاطعًا بأنني أوجّه كلماتي إليها تحديدًا .. بدأت قصة الحب وحدي منذ التقيتها للمرة الأولى، وإذا لم تحدث المعجزة سأنهيها وحدي أيضًا أو بالأحرى سأمنحها بداية جديدة بدوني؛ ذلك لأنني قررت أن أوصي لهذه البنت باللابتوب الخاص بي؛ ليس من أجل أن تقرأ بعد موتي ما كتبته عن روحها التي تجعلني مرتابًا من يقظتي، وعن ابتسامتها التي تقتلني بنعومة كما غنّى "سيناترا" ذات يوم، وعن صوتها الأكثر رقة مما سمعته في حياتي، والذي يبدد كآبتي الثقيلة كطفل يسترد شتاءه البدائي فجأة، وعن جنوني بعينيها الذي يدفعني لمقاومة التحدث معها أو النظر إليها، وعن تخيلاتي لوجودها معي التي لا يهمد تدفقها، وعن قصصها القصيرة، وعن صورها التي احتفظ بها فحسب؛ وإنما أيضًا لأنها هي فقط التي أريد لأصابعها أن تستعمل نفس أزرار الحروف التي تحمل بصمات أصابعي كي تُكمل جميع الكتابات التي لم يسمح لي الزمن بإتمامها، وأن تنشرها، وأن تتصرف في أسراري كما تشاء .. سواءً فعلت ذلك أم لا؛ فإن القصة ستكون مكتملة هكذا بالنسبة لي، أما عن كيف ستعرف بأمر الوصية فإنني كلفت الشخص الأكثر جدارة بتنفيذها وهو "ممدوح رزق"؛ الرجل الذي يعشق زوجته وطفلته أكثر من أي أحد آخر في العالم، لذا فهو يعرف تمامًا ما الذي تعنيه قصة حب كهذه، فضلًا عن أنه الإنسان الوحيد الذي عندي ضمان لا يقبل الشك بأنه لن يموت قبلي.