... وكما أخبرتك من قبل فالأمر يسير وفقًا لما هو متوقع حيث ظللت أبحث في الأيام الثلاثة الماضية عن شيء ما، وأجهدت نفسي ومعي ابنتي في التفتيش عن ذلك الشيء قبل أن أتذكر أنه لم يكن لديّ أصلًا .. حدث هذا وأنا في الثالثة والأربعين .. ليس بعد الستين مثلك، ولكنني سبق أن قلت لك أنه من المنطقي أن يحتفل جسدي ـ بما أنه الجسد الأخير ـ بالمعجزات التي تمثّلت في كل واحد منكم مبكرًا عن موعدها معه في الماضي .. أعرف الخطوة التالية ـ مثلما تعرفها أنت بالطبع ـ وهي أنني سأبحث عن شيء لا أمتلكه ولا أتذكر اسمه، وستعجز ابنتي حين أطلب مساعدتها في العثور عليه عن فهم استغاثتي المبهمة .. أنا متأكد من أنني لن أصفعها حينئذ .. دون شك أنت تفهمني جيدًا .. نعم، أنا متأكد من أنني لن ألطمها على وجهها أبدًا، ولكنني أرجو أيضًا ألا يدفعني الشعور بالإذلال وقتها إلى ارتكاب فعل آخر يتسبب في حزنها .. بعد ذلك سأفتش عن شيء لا أمتلكه ولا أتذكر اسمه وناسيًا حتى شكله؛ الأمر الذي سيؤدي بي إلى التوقف فجأة عن البحث ثم الرضوخ ليدي ابنتي المرتعشتين بينما تربت على كتفي، وتقودني إلى مقعد في حجرة المعيشة لأظل جالسًا طوال الوقت .. طوال الوقت يا أبي حتي نهاية حياتي، عاقدًا كفيّ في صمت لا ينقطع، وأحدّق إلى الفراغ بعينين خاملتين كأنما لا ينقصني أي شيء.