يختار بعض الكتّاب عدم الوقوف مع تجربة الكتابة عند حدّ معلوم والذهاب
إلى أقصى ما تمكّنهم معارفهم وتدعوهم مواهبهم للذهاب إليه وهم يعدّون عدّة صيدهم،
كل مرّة، لخوض غمار ما هو خفي في الأدب وغير معلوم، وذلك ما تجلّى مع تجربة الكاتب
الصديق ممدوح رزق في كتابه (هل تؤمن بالأشباح؟) حيث لا تكون الكتابة أقل من مغامرة مسكونة
بالجمال، محفوفة بالحلم والأمل. يختار ممدوح، كاتب القصة القصيرة، أن يمضي
بالمغامرة القصصية إلى تخومها الأبعد وهو يقدّم قراءاته لنصوص مختارة من كلاسيكيات
القصة القصيرة ـ ما أصعبها من مهمة وما أبعده من رجاء! ـ وهو يسير على طريق سبقه
في السير عليه الكثير من نقاد الأدب وأساتذته والقصاصين أيضاً، وهنا يكمن وجه
المهمة الأصعب، فتجربة ممدوح في إستعادة أشباح أساطين القصة القصيرة وأساتذتها
الكبار بحاجة للبرهنة على جدّتها وضرورتها طالما أنها سُبقت بتجارب يصعب عدُّها في
مختلف اللغات، الجدّة والضرورة هما إختبارا الكتاب وهو ينتقي الفرائد من كلاسيكيات
القصة العالمية، فإذا كان ثمة إتفاق على جودة القصص التي أدخلتها في حيز
الكلاسيكية والاطمئنان الى مهارة كتّابها لم يبق أمامنا غير الذهاب إلى جوهر
المغامرة الكتابية لممدوح التي أكّدت من جديد أن لا سبيل لمعرفة القصة القصيرة إلا
بمحاورة نماذجها الفريدة، حيث تكون المحاورة مغامرة في المعرفة والجمال.
د. لؤي حمزة عباس
10 يونيو 2017
د. لؤي حمزة عباس
10 يونيو 2017