الأحد، 8 يناير 2017

السيئ في الأمر

عند باب غرفتي:
الأيادي الصغيرة ممتدة؛ كي اهديدها عيديه، وقبلا ً مشحونة بدعاء الفرح، وتهديني في نفس اللحظة ابتسامات من القلب إلى القلب ، غير أنني أقف صامتة، متردده في الإندماج مع هكذا مشهد وأحاول الفرح ..متسائلة: ترى هل يمكنني تقمص السعادة؟ هل سأجرؤ على ارسال همي لمثواه الأخير، أو المؤقت؟ أسرع للداخل، أسحب كرسي وأقربه من دولابي الخشبي، أصعد ببطئ حاملة على عاتق الزمن هم الأسئلة. أسحب حقيبة سفري وألقيها على السرير ومن ثم افتح دولابي أبحث عن أي شيء وكل شيئ لألقيه في الحقيبة، نعم قررت ترك العيد ، آثرت السفر بعيدا حيث لا مجال لاضطهاد نفسي الصامته وجعلها تفرح بالإكراه.
على متن الطائرة:
هنا الوجوه كلها تفتعل الإرهاق والملل، كما أن رائحة القطط والكلاب تملئ المكان ومن حيث لا أدري! يفترض بي تحمل كل هذا والقليل من بكاء الملائكة الصغار..هممم لا بأس قريبا سينام الجميع ..وسأضل أنا حارسة الزمن اعانق صوت المحرك...وأعد المرات التي يدخل فيها الجميع لبيت الراحة!
السيئ في الأمر:
تذكرت ما قد يجعلني أتنفس قليلا ، أسحب حقيبة يدي ، أبحث داخلها عن مجموعة جديدة للكاتب الشاعر المصري (ممدوح رزق)،أرسل لي نسخة خاصه على البريد ، كما أنه أرسل يسألني رأي عن المجموعة ، ووعدته أنني سأقرئها وأرسل رأي في أقرب فرصة ..هو لا يعلم ما سيعلمه بعد قراءة هذه السطور ..لا يعلم أني أخذت مجموعته معي إلى ثلاث دول ممنية نفسي بقرائتها في أقرب فرصة ،و لم أفعل ! ..لكنني في هذه الرحلة فعلت..أخرجتها من حقيبة يدي وقرأتها على متن الطائرة . قرئتها وروحي في صمت وألم مدعق، أتنفس روائح مختلطة، وأبعد عن ذاكرتي عناصر سوداء، قرئتها وفي خاطري شيء من الرفض لهذه الأرض..وكرهه شديد للمعادن والأسمنت...قرئتها وبصيص الفرح قارب على الانتهاء...وحين أتممتها شعرت بأني لست وحدي ..وأن على هذه الأرض هناك من يشعر بالنملة ، ويطبطب على دميته قبل أن ينام، مجموعة الكاتب لا تخلو من الواقع الذي ينكره أغلب المجتمع ويبتسم ويفرح رغم قسوته، ولا تخلو من ذاتية عامة، يجوز للجميع ارتدائها عباءة، والإشارة لها بأنها تشبهه أو تخصه ، وأيضا من تفاصيل خاصة مؤلمة وقد تصل لحد القبح لكنها تصل بأسلوب مهندم يوحي بالصلابة. مليئة بالتفاصيل، والأزمنة، تعج بالشخوص المقربين والغرباء ، وكأنها فيلم من النوع الفني، النوع الذي يحمل نكهة الشارع، وضجة العمر، لا يسعني إلا أن أشكرك على هذا الإهداء، وأهنئك على المجموعة التي لا تقول سوى الحقيقة وحتى إن كانت محبطة أو ربما أصابها الخذل فهي لم تجد الكثير من المنطق أو حتى السعادة لطرحها ، ما يميزها الشجاعه في الطرح، حتى وإن كان على حساب الروح ، وكأن جملك ملابس منشورة على حبال الوقت تتافخر بإنجازات ليست من الخيال..وتقطر على المارة ماء غسيل ساخن.
باريس:
هنا.. أهدرت روحي التي تلازمني منذ زمن، وتركتها تذوب في المطر.. مع ابتسامة سخرية، هنا وجدت روحا جديده لا تشبهني لكنها ترضيني لبعض الوقت...
منال علي بن عمرو ـ مجلة (المرأة اليوم) / 18ـ 12 ـ 2008