الثلاثاء، 10 مايو 2022

صوت المطواة في حجرة الصالون

كنا رهائن آخر كل مساء .. ترتجف قلوبهم ويتلاعب الوسواس بأدمغتهم وهم يتناولون العشاء أمام شاشة التليفزيون أو بينما يستلقون في سرائرهم انتظارًا للنوم بعدما يتحوّل صوت فتح مطواتك وإغلاقها المنبعث من ظلام حجرة الصالون المقفلة والتي جعلتها مقرًا مشتركًا للمعيشة والنوم؛ يتحوّل صوت المطواة إلى تعريف للوقت بدلًا من دقات الساعة .. بعدما يصبح صوت المطواة عدًا تنازليًا لأعمارهم أو إيقاعًا مروعًا لنهايتك الوشيكة .. لا يسترد الوقت تعريفه الطبيعي إلا حينما يتوقف صوت المطواة ويُسمع صوت ضبط المنبه .. هكذا كنا نطمئن على نحو ما بأنك لن تقتل نفسك أو تقتلنا الليلة، وأنك ستنام مثلنا حتى يوقظك المنبه باكرًا للذهاب إلى عملك.

كانت لعبة شيقة .. لعبة التحكم في الموت والزمن .. هل ستموتون حالًا أم لا؟ .. كيف تتخيلون موتكم الممكن بعد لحظة واحدة؟ .. كيف يفكر كل منكم في حياته الآن؟ .. كيف يفكر في ذلك الشبح المتوحد بالظلام المغلق لحجرة الصالون ويستمتع بتمرير النصل الصوتي فوق رقبته؟ .. هل سأقتل نفسي؟ .. هل سيكون ذلك رحمة بكم أم بنفسي أم خلاصًا للجميع؟ .. هل تتذكرون عني شيئًا خارج الفضاء المُعذِب لصوت المطواة؟ .. حسنًا .. سأمنحكم ونفسي مزيدًا من الوقت .. لكن الوقت لا يعني مزيدًا من الحياة .. سأسمح للزمن بمواصلة المرور بعدما احتجزته قليلًا في صوت مسنون .. استمروا في التظاهر إلى حين بأنكم لستم عالقين في تهديد ما .. استمروا في الادعاء بأنكم تعرفونني جيدًا .. سأتظاهر أنا الآخر بأنني أجّلت المذبحة .. بأنني لم أقدم جسدي قربانًا لروحي.

لم يكن صوت مطواة .. كان خليطًا من الوجوه والكلمات التي رأيتها وسمعتها في الخارج قبل أن تعود إلى البيت .. الفراغ المتجذر داخل تلك الوجوه والكلمات بالتواطؤ مع ذكرياتك معنا كان يوطد غياب هيمنتك الكونية الغامضة .. في حركة الفتح والقفل المتتابعة للمطواة كنت تتقمص سيادة شكلية على هذا الغياب .. ندية ظاهرية مع ضياع هيمنتك على العالم بواسطة قلوبنا المرتجفة .. السيادة التي تلهو بالحدة الصوتية للنصل في أدمغتنا باعتبارنا أسبابًا أصلية لحرمانك من السيادة الفعلية .. هل أمحو الكون الليلة أم أعطيه فرصة أخرى لتدارك الخطأ الذي يسبق تاريخه؟

جزء من رواية “نصفي حجر” ـ قيد الكتابة.