الاثنين، 4 مارس 2019

عزيزتي جريتا جاربو

عزيزتي الآنسة جاربو
أتمنى لو أنكِ قد تابعتِ تغطية النشرة الإخبارية لأعمال الشغب الأخيرة بـ (ديترويت)، والتي كُسرت دماغي خلالها. أنا لم أعمل أبداً في شركة (فورد)، ولكن صديق لي أخبرني عن الإضراب، وبما أنه لم يكن لدي ما أفعله في هذا اليوم فقد ذهبت معه إلى مسرح الثورة. كنا نقف بالقرب من مجموعات صغيرة تمضغ الغضب تجاه هذا وذاك، كما كان هناك الكثير من الكلام الراديكالي لكنني لم أعره أي اهتمام.
لم أكن أعتقد أن هناك شيئاً على وشك الحدوث، لكن بعد وصول سيارات الأخبار اعتبرته أمراً جيداً. لقد جاءت فرصتي للظهور في السينما مثلما كنت أحلم دائماً، لذا قررت الالتصاق بموقعي انتظاراً لاستغلال الفرصة. كنت أعرف أنني أمتلك هذا النوع من الوجوه الذي يتمناه أي فيلم، القادر على الظهور بشكل رائع على الشاشة. لا أستطيع أن أصف لكِ مدى سعادتي بأدائي في ذلك اليوم على الرغم من الحادث الصغير الذي أبقاني في المستشفى لمدة أسبوع.
بمجرد خروجي، توجهت إلى قاعة سينما صغيرة بالحي الذي أسكنه حيث اكتشفت أنهم يعرضون نشرة الأخبار التي لعبت دوراً فيها. دخلت إلى القاعة كي أرى نفسي على الشاشة. لاشك أنني كنت عظيماً، ولو أنكِ تابعتِ نشرة الأخبار بعناية فلن يمكنكِ إغفال وجودي لأنني ذلك الشاب الذي يرتدي بالطو صوف أزرق، والذي سقطت قبعته حينما بدأ الجري. هل تتذكرين؟. لقد استدرت عن قصد ثلاث أو أربع مرات كي يظهر وجهي في الفيلم، وأعتقد أنكِ شاهدتِ ابتسامتي. أردت أن أعرف كيف تبدو هذه الابتسامة في الصور المتحركة، ولا أحتاج للقول أنها كانت فاتنة فعلاً.
اسمي (فيليكس أوتريا)، وأنا واحد من أبناء الأمة الإيطالية. تخرجت من المدرسة الثانوية، وأتحدث لغتك كأي مواطن أصلي فضلاً عن الإيطالية. أشبه إلى حد ما (رودولف فالنتينو) و(رونالد كولمان). أنا متأكد من أنكِ ترغبين لو سمعتِ أن (سيسيل بي ديميل) أو واحداً من الآخرين أصحاب القرار الكبار قد لاحظني، وأدرك فعلاً كم أنا خامة فريدة للسينما.
رأيت في نشرة الأخبار الجزء الذي فاتني بعد أن أفقدوني الوعي، وما أود الإشارة إليه أن هذا الجزء قد مر كأي حدث تقليدي بكل ما فيه من خراطيم المياه وقنابل الغاز المسيلة للدموع إلى آخره. لكنني بعد مشاهدة نشرة الأخبار إحدى عشرة مرة خلال ثلاثة أيام، بإمكاني القول أنه لا يوجد رجل آخر سواء كان مدنياً أو شرطياً قد خرج من بين الحشود بالطريقة التي فعلت بها ذلك، وإنني أتساءل إذا كنتِ ستهتمين بهذا الموضوع مع الشركة التي تعملين معها، ومعرفة إذا ما كانت لديهم الرغبة في الاتصال بي لإعطائي تجربة أداء أم لا. أنا متأكد من أنني سأؤديها ببراعة، وسأظل أشكرك حتى آخر يوم في حياتي. الآنسة جاربو: أنا أمتلك صوتاً قوياً ويمكنني أن ألعب دور العاشق بمنتهى الروعة، لهذا أتمنى أن تقومي بهذه الخدمة البسيطة من أجلي. من يدري؛ ربما ذات يوم، في المستقبل القريب أقوم بدور البطل في مشهد معكِ.
تفضلي بقبول فائق الاحترام
 فيليكس أوتريا
وليم سارويان
جريدة "النهار" الكويتية ـ 1 مارس 2019